قتادة في قوله (ولا تمش في الأرض مرحا) قال: لا تمش فخرا وكبرا، فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال ولا أن تخرق الأرض بفخرك وكبرك. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إن التوراة في خمس عشرة آية من بني إسرائيل ثم تلا (ولا تجعل مع الله إلها آخر). وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (مدحورا) قال: مطرودا:
سورة الإسراء الآية (42 - 48) قوله (قل لو كان معه آلهة كما تقولون) قرأ ابن كثير وحفص يقولون بالياء التحتية، وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب للقائلين بأن مع الله آلهة أخرى، وإذن جواب عن مقالتهم الباطلة وجزاء للو (لابتغوا إلى ذي العرش) وهو الله سبحانه (سبيلا) طريقا للمغالبة والممانعة كما تفعل الملوك مع بعضهم البعض من المقاتلة والمصاولة، وقيل معناه: إذن لابتغت الآلهة إلى الله القربة والزلفة عنده، لأنهم دونه، والمشركون إنما اعتقدوا أنها تقربهم إلى الله:
والظاهر المعنى الأول، ومثل معناه قوله سبحانه - لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا - ثم نزه تعالى نفسه، فقال (سبحانه) والتسبيح التنزيه، وقد تقدم (وتعالى) متباعد (عما يقولون) من الأقوال الشنيعة والفرية العظيمة (علوا) أي تعاليا، ولكنه وضع العلو موضع التعالي كقوله - والله أنبتكم من الأرض نباتا - ثم وصف العلو بالكبر مبالغة في النزاهة، وتنبيها على أن بين الواجب لذاته والممكن لذاته. وبين الغنى المطلق، والفقير المطلق مباينة لا تعقل الزيادة عليها. ثم بين سبحانه جلالة ملكه وعظمة سلطانه فقال (يسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن) قرئ بالمثناة التحتية في يسبح وبالفوقية، وقال " فيهن " بضمير العقلاء لإسناده إليها التسبيح الذي هو فعل العقلاء، وقد أخبر سبحانه عن السماوات والأرض بأنها تسبحه. وكذلك من فيها من مخلوقاته الذين لهم عقول وهم الملائكة والإنس والجن وغيرهم من الأشياء التي لا تعقل، ثم زاد ذلك تعميما وتأكيدا فقال (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) فشمل كل ما يسمى شيئا كائنا ما كان. وقيل إنه يحمل قوله (ومن فيهن) على الملائكة والثقلين، ويحمل (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) على ما عدا ذلك من المخلوقات.
وقد اختلف أهل العلم في هذا العموم هل هو مخصوص أم لا؟ فقالت طائفة: ليس بمخصوص، وحملوا التسبيح على تسبيح الدلالة لأن كل مخلوق يشهد على نفسه ويدل غيره بأن الله خالق قادر. وقالت طائفة: هذا