خلقه إلا عبده له طائعا أو كارها. وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: يسجد من في السماوات طوعا ومن في الأرض طوعا وكرها.
سورة النحل الآية (51 - 62) لما بين سبحانه أن مخلوقاته السماوية والأرضية منقادة له، خاضعة لجلاله، أتبع ذلك بالنهي عن الشرك بقوله (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد) فنهى سبحانه عن اتخاذ إلهين، ثم أثبت أن الإلهية منحصرة في إله واحد وهو الله سبحانه، وقد قيل إن التثنية في إلهين قد دلت على الاثنينية، والإفراد في إله قد دل على الوحدة، فما وجه وصف إلهين باثنين، ووصف إله واحد؟ فقيل في الجواب: إن في الكلام تقديما وتأخيرا.
والتقدير: لا تتخذوا اثنين إلهين إنما هو واحد إله، وقيل إن التكرير لأجل المبالغة في التنفير عن اتخاذ الشريك، وقيل إن فائدة زيادة اثنين هي أن يعلم أن النهى راجع إلى التعدد لا إلى الجنسية، وفائدة زيادة واحد دفع توهم أن المراد إثبات الإلهية دون الواحدية، مع أن الإلهية له سبحانه مسلمة في نفسها، وإنما خلاف المشركين في الواحدية ثم نقل الكلام سبحانه من الغيبة إلى التكلم على طريقة الالتفات لزيادة الترهيب، فقال (فإياي فارهبون) أي إن كنتم راهبين شيئا فإياي فارهبون لا غيري، وقد مر مثل هذا في أول البقرة. ثم لما قرر سبحانه وحدانيته، وأنه الذي يجب أن يخص بالرهبة منه والرغبة إليه، ذكر أن الكل في ملكه وتحت تصرفه فقال (وله ما في السماوات والأرض) وهذه الجملة مقررة لمن تقدم في قوله - ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض - إلى آخره، وتقديم