سورة إبراهيم الآية (11 - 12) قوله (وإذ قال موسى) الظرف متعلق بمحذوف هو أذكر: أي أذكر وقت قول موسى و (إذ أنجاكم) متعلق باذكروا: أي اذكروا إنعامه عليكم وقت إنجائه لكم من آل فرعون، أو بالنعمة، أو بمتعلق عليكم: أي مستقرة عليكم وقت إنجائه، وهو بدل اشتمال من النعمة مرادا بها الإنعام أو العطية (يسومونكم سوء العذاب) أي يبغونكم، يقال سامه ظلما، وأصل السوم الذهاب في طلب الشئ وسوء العذاب: مصدر ساء يسوء، والمراد حبس العذاب السيئ، وهو استعبادهم واستعمالهم في الأعمال الشاقة، وعطف (يذبحون أبناءكم) على (يسومونكم سوء العذاب) وإن كان التذبيح من جنس سوء العذاب إخراجا له عن مرتبة العذاب المعتاد حتى كأنه جنس آخر لما فيه من الشدة، ومع طرح الواو كما في الآية الأخرى يكون التذبيح تفسيرا لسوء العذاب (ويستحيون نساءكم) أي يتركونهن في الحياة لإهانتهن وإذلالهن (وفى ذلكم) المذكور من أفعالهم (بلاء من ربكم عظيم) أي ابتلاء لكم، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة مستوفى (وإذ تأذن ربكم) تأذن بمعنى أذن قاله الفراء. قال في الكشاف: ولا بد في تفعل من زيادة معنى ليست في أفعل، كأنه قيل: وإذ أذن ربكم إيذانا بليغا تنتفي عنه الشكوك وتنزاح الشبه. والمعنى: وإذ تأذن ربكم فقال (لئن شكرتم) أو أجرى تأذن مجرى قال.
لأنه ضرب من القول انتهى، وهذا من قول موسى لقومه، وهو معطوف على نعمة الله: أي اذكروا نعمة الله عليكم واذكروا حين تأذن ربكم، وقيل هو معطوف على قوله: إذ أنجاكم: أي اذكروا نعمة الله تعالى في هذين الوقتين، فإن هذا التأذن أيضا نعمة - وقيل هو من قول الله سبحانه: أي واذكر يا محمد إذ تأذن ربكم. وقرأ ابن مسعود " وإذ قال ربكم " والمعنى واحد كما تقدم، واللام في لئن شكرتم غير الموطئة للقسم، وقوله (لأزيدنكم) ساد مسد جوابي الشرط والقسم، وكذا اللام في (ولئن كفرتم) وقوله (إن عذابي لشديد) ساد مسد الجوابين أيضا، والمعنى: لأن شكرتم إنعامي عليكم بما ذكر لأزيدنكم نعمة إلى نعمة تفضلا منى، وقيل لأزيدنكم من طاعتي، وقيل لأزيدنكم من الثواب، والأول أظهر فالشك سبب المزيد، ولئن كفرتم ذلك وجحدتموه إن عذابي لشديد، فلا بد أن يصيبكم منه ما يصيب، وقيل إن الجواب محذوف: أي ولئن كفرتم لأعذبنكم، والمذكور تعليل للجواب المحذوف (وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا) أي إن تكفروا نعمته تعالى أنتم وجميع الخلق ولم تشكروها (فإن الله) سبحانه (لغنى) عن شكركم لا يحتاج إليه ولا يلحقه بذلك نقص (حميد) أي مستوجب للحمد لذاته لكثرة إنعامه، وإن لم تشكروه، أو يحمده غيركم من الملائكة (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم) يحتمل أن يكون هذا خطابا من موسى لقومه، فيكون داخلا تحت التذكير بأيام الله، ويحتمل أن يكون من كلام الله سبحانه ابتداء خطابا لقوم موسى وتذكيرا لهم بالقرون الأولى وأخبارهم ومجئ رسل الله إليهم، ويحتمل أنه ابتداء خطاب من الله سبحانه لقوم محمد صلى الله عليه وآله وسلم تحذيرا لهم عن مخالفته، النبأ: الخبر، والجمع الأنباء ومنه قول الشاعر:
ألم تأتيك والأنباء تنمى * بما لاقت لبون بنى زياد و (قوم نوح) بدل من الموصول، أو عطف بيان (وعاد وثمود والذين من بعدهم) أي من بعد هؤلاء