يصطفيك. وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد (ويعلمك من تأويل الأحاديث) قال: عبارة الرؤيا. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد (ويعلمك من تأويل الأحاديث) قال: تأويل العلم والحلم، وكان يوسف من أعبر الناس. وأخرج ابن جرير عن عكرمة (كما أتمها على أبويك) قال: فنعمته على إبراهيم: أن نجاه من النار، وعلى إسحاق: أن نجاه من الذبح.
لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين (7) إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين (8) اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين (9) قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابات الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين (10).
أي (لقد كان) في قصتهم علامات دالة على عظيم قدرة الله وبديع صنعه (للسائلين) من الناس عنها. وقرأ أهل مكة آية على التوحيد. وقرأ الباقون على الجمع، واختار قراءة الجمع أبو عبيد. قال النحاس: وآية ها هنا قراءة حسنة، وقيل المعنى: لقد كان في يوسف وإخوته آيات دالة عل نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم للسائلين له من اليهود، فإنه روى أنه قال له جماعة من اليهود وهو بمكة: أخبرنا عن رجل من الأنبياء كان بالشام أخرج ابنه إلى مصر فبكى عليه حتى عمى، ولم يكن بمكة أحد من أهل الكتاب ولا من يعرف خبر الأنبياء، وإنما وجهوا إليه من أهل المدينة من يسأله عن هذا، فأنزل الله سورة يوسف جملة واحدة كما في التوراة. وقيل معنى (آيات للسائلين) عجب لهم، وقيل بصيرة. وقيل عبرة. قال القرطبي: وأسماؤهم يعني إخوة يوسف: روبيل، وهو أكبرهم، وشمعون، ولاوي، ويهوذا، وريالون، ويشجر. وأمهم ليا بنت ليان وهي بنت خال يعقوب، وولد له من سريتين أربعة، وهم: دان، ونفتالي، وجاد، وآشر. ثم ماتت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل فولدت له يوسف، وبنيامين. وقال السهيلي: إن أم يوسف اسمها وقفا، وراحيل ماتت من نفاس بنيامين وهو أكبر من يوسف (إذ قالوا ليوسف وأخوه) أي وقت قالوا، والظرف متعلق بكان (أحب إلى أبينا منا) والمراد بقوله (وأخوه) هو بنيامين، وخصوه بكونه أخاه مع أنهم جميعا إخوته، لأنه أخوه لأبويه كما تقدم، ووحد الخبر فقال: أحب مع تعدد المبتدأ، لأن أفعل التفضيل يستوي فيه الواحد وما فوقه إذا لم يعرف، واللام في ليوسف هي الموطئة للقسم، وإنما قالوا هذه لأنه بلغهم خبر الرؤيا فأجمع رأيهم على كيده، وجملة (ونحن عصبة) في محل نصب عل الحال، والعصبة: الجماعة، قيل وهي ما بين الواحد إلى العشرة، وقيل إلى الخمسة عشر، وقيل من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها بل هي كالنفر والرهط، وقد كانوا عشرة (إن أبانا لفي ضلال مبين) أي في ذهاب عن وجه التدبير بالترجيح لهما علينا وإيثارهما دوننا مع استوائنا في الانتساب إليه ولا يصح أن يكون مرادهم أنه في دينه في ضلال مبين (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا) أي قالوا: افعلوا به أحد الأمرين:
إما القتل، أو الطرح في أرض. أو المشير بالقتل بعضه والمشير بالطرح البعض الآخر، أو كان المتكلم بذلك واحد منهم فوافقه الباقون. فكانوا كالقائل في نسبة هذا المقول إليهم. وانتصاب أرضا على الظرفية، والتنكير للإبهام: أي أرضا مجهولة. وجواب الأمر (يخل لكم وجه أبيكم) أي يصف ويخلص فيقبل عليكم ويحبكم حبا