على أنه الخبر ونصب " أمة " على الحال كما قدمنا. وقال الفراء: والزجاج على القطع بسب مجىء النكرة بعد تمام الكلام (وأنا ربكم فاعبدون) خاصة لا تعبدوا غيري كائنا ما كان (وتقطعوا أمرهم بينهم) أي تفرقوا فرقا في الدين حتى صار كالقطع المتفرقة. وقال الأخفش: اختلفوا فيه، وهو كالقول الأول. قال الأزهري: أي تفرقوا في أمرهم فنصب أمرهم بحذف في والمقصود بالآية المشركون، ذمهم الله بمخالفة الحق واتخاذهم آلهة من دون الله وقيل المراد جميع الخلق وأنهم جعلوا أمرهم في أديانهم قطعا وتقسموه بينهم، فهذا موحد، وهذا يهودي، وهذا نصراني، وهذا مجوسي، وهذا عابد وثن. ثم أخبر سبحانه بأن مرجع الجميع إليه فقال (كل إلينا راجعون) أي كل واحد من هذه الفرق راجع إلينا بالبعث، لا إلى غيرنا (فمن يعمل من الصالحات) أي من يعمل بعض الأعمال الصالحة لاكلها إذ لا يطيق ذلك أحد (وهو مؤمن) بالله ورسله واليوم الآخر (فلا كفران لسعيه) اي لا جحود لعمله ولا تضييع لجزائه والكفر ضد الايمان والكفر أيضا جحود النعمة وهو ضد الشكر يقال كفر كفورا وكفرانا وفي قراءة ابن مسعود فلا كفر لسعيه (وانا له كاتبون) اي لسعيه حافظون ومثله قوله سبحانه اني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى وحرام على قرية أهلكناها قرأ زيد بن ثابت وأهل المدينة وحرام وقرأ أهل الكوفة وحرم وقد اختاره القراءة الأولى أبو عبيد وأبو حاتم ورويت القراءة الثانية عن علي وابن مسعود وابن عباس وهما لغتان مثل حل وحلال وقرأ سعيد بن جبير وحرم بفتح الحاء وكسر الراء وفتح الميم. وقرأ عكرمة وأبو العالية حرم بضم الراء وفتح الحاء والميم ومعنى (أهلكناها) قدرنا إهلاكها وجملة (انهم لا يرجعون) في محل رفع على أنه مبتدأ وخبره حرام أو على أنه فاعل له ساد مسد خبره والمعنى وممتنع البتة عدم رجوعهم إلينا للجزاء وقيل إن لا في لا يرجعون زائدة اي حرام على قرية أهلكناها ان يرجعوا بعد الهلاك إلى الدنيا واختار هذا أبو عبيدة وقيل إن لفظ حرام هنا بمعني الواجب.
اي واجب على قرية، ومنه قول الخنساء.
وان حراما لا أرى الدهر باكيا * على شجوه الا بكيت على صخر.
وقيل حرام: اي ممتنع رجوعهم إلى التوبة على أن لا زائدة قال النحاس والآية مشكلة ومن أحسن ما قيل فيها واجله ما رواه ابن عيينة وابن علية وهشيم وابن إدريس ومحمد بن فضل وسليم بن حبان ومعلى عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في معني الآية قال: واجب انهم لا يرجعون اي لا يتوبون قال: الزجاج وأبو علي الفارسي: ان في الكلام اضمارا اي وحرام على قرية حكمنا باستئصالها أو بالختم على قلوب أهلها ان يتقبل منهم عمل لأنهم لا يرجعون اي لا يتوبون (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج حتى هذه هي التي يحكى بعدها الكلام ويأجوج ومأجوج قبيلتان من الانس والمراد بفتح يأجوج ومأجوج فتح السد الذي عليهم على حذف المضاف وقيل إن حتى هذه هي التي للغاية والمعني ان هؤلاء المذكورين سابقا مستمرون على ما هم عليه إلى يوم القيامة وهي يوم فتح سد يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون الضمير ليأجوج ومأجوج والحدب كل اكمة من الأرض مرتفعة والجمع أحداب مأخوذ من حدبة الأرض ومعنى ينسلون يسرعون وقيل يخرجون قال الزجاج والنسلان مشية الذئب ذا أسرع يقال نسل فلان في العدو ينسل بالكسر والضم نسلا ونسولا ونسلانا اي ان يأجوج ومأجوج من كل مرتفع من الأرض يسرعون المشي ويتفرقون في الأرض وقيل لا ضمير في قوله وهو لجميع الخلق والمعني انهم يحشرون إلى ارض الموقف وهم يسرعون من كل مرتفع من الأرض وقرئ بضم السين حكى ذلك المهدوي عن ابن مسعود وحكى هذه القراءة أيضا الثعلبي عن مجاهد وأبي الصهباء (واقترب الوعد) عطف على فتحت، والمراد ما بعد الفتح من الحساب.