أبو عبيدة: من زائدة، ووجه ذلك قوله في موضع آخر - إن الله يغفر الذنوب جميعا - وقال سيبويه: هي للتبعيض.
ويجوز أن يذكر البعض ويراد منه الجميع، وقيل التبعيض على حقيقته ولا يلزم من غفران جميع الذنوب لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم غفران جميعها لغيرهم، وبهذه الآية احتج من جوز زيادة من في الإثبات، وقيل من للبدل وليست بزائدة ولا تبعيضية: أي لتكون المغفرة بدلا من الذنوب (ويؤخركم إلى أجل مسمى) أي إلى وقت مسمى عنده سبحانه، وهو الموت فلا يعذبكم في الدنيا (قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا أي ما أنتم إلا بشر مثلنا في الهيئة والصورة، تأكلون وتشربون كما نأكل ونشرب ولستم ملائكة (تريدون أن تصدونا) وصفوهم بالبشر أولا، ثم بإرادة الصد لهم عما كان يعبد آباؤهم ثانيا: أي تريدون أن تصرفونا عن معبودات آبائنا من الأصنام ونحوها (فأتونا إن كنتم صادقين بأنكم مرسلون من عند الله (بسلطان مبين) أي بحجة ظاهرة تدل على صحة ما تدعونه، وقد جاءوهم بالسلطان المبين والحجة الظاهرة، ولكن هذا النوع من تعنتاتهم، ولون من تلوناتهم (قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم) أي ما نحن في الصورة والهيئة إلا بشر مثلكم كما قلتم (ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) أي يتفضل على من يشاء منهم بالنبوة، وقيل بالتوفيق والهداية (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان) أي ما صح ولا استقام لأن لنا أن نأتيكم بحجة من الحجج (إلا بإذن الله) أي إلا بمشيئته وليس ذلك في قدرتنا. قيل المراد بالسلطان هنا هو ما يطلبه الكفار من الآيات على سبيل التعنت، وقيل أعم من ذلك، فإن ما شاءه الله كان وما لم يشأه لم يكن (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) أي عليه وحده، وهذا أمر منهم للمؤمنين بالتوكل على الله دون من عداه، وكأن الرسل قصدوا بهذا الأمر للمؤمنين الأمر لهم أنفسهم قصدا أوليا، ولهذا قالوا (وما لنا ألا نتوكل على الله) أي وأي عذر لنا في ألا نتوكل عليه سبحانه (وقد هدانا سبلنا) أي والحال أنه قد فعل بنا ما يوجب توكلنا عليه من هدايتنا إلى الطريق الموصل إلى رحمته، وهو ما شرعه لعباده وأوجب عليهم سلوكه (ولنصبرن على ما آذيتمونا) بما يقع منكم من التكذيب لنا والاقتراحات الباطلة (وعلى الله) وحده دون من عداه (فليتوكل المتوكلون) قيل المراد بالتوكل الأول استحداثه، وبهذا السعي في بقائه وثبوته، وقيل معنى الأول: إن الذين يطلبون المعجزات يجب عليهم أن يتوكلوا في حصولها على الله سبحانه لا علينا، فإن شاء سبحانه أظهرها وإن شاء لم يظهرها. ومعنى الثاني: إبداء التوكل على الله في دفع شر الكفار وسفاهتهم.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم) قال: أخبرهم موسى عن ربه أنهم إن شكروا النعمة زادهم من فضله وأوسع لهم من الرزق وأظهرهم على العالم. وأخرج ابن جرير عن الحسن لأزيدنكم قال: من طاعتي. وأخرج ابن المبارك وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن علي ابن صالح مثله. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية قال: لا تذهب أنفسكم إلى الدنيا فإنها أهون عند الله من ذلك، ولكن يقول لئن شكرتم لأزيدنكم من طاعتي. وأخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال " أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سائل فأمر له بتمرة فلم يأخذها، وأتاه آخر فأمر له بتمرة فقبلها وقال: تمرة من رسول الله، فقال للجارية: اذهبي إلى أم سلمة فأعطيه الأربعين درهما التي عندها " وفى إسناد أحمد عمارة بن زاذان، وثقه أحمد ويعقوب بن سفيان وابن حبان. وقال ابن معين: صالح، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به ليس بالمتين، وقال البخاري: ربما يضطرب في حديثه، وقال أحمد: روى عنه أحاديث منكرة، وقال أبو داود: ليس بذلك، وضعفه الدارقطني، وقال ابن عدي: لا بأس به. وأخرج البخاري في تاريخه والضياء المقدسي في المختارة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من ألهم خمسة