والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز: يعني الوبر بالدم، فأنزل الله (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) وأصل الحديث في الصحيحين " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا على قريش حين استعصوا فقال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف " الحديث. وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن ابن أثال الحنفي لما أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم وهو أسير فخلى سبيله لحق باليمامة، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أليس تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين؟ قال بلى. قال:
فقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع. فأنزل الله (ولقد أخذناهم بالعذاب) الآية. وأخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب في قوله (فما استكانوا لربهم وما يتضرعون) قال: أي لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم. وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد) قال: قد مضى، كان يوم بدر.
سورة المؤمنون الآية (84 - 98).
أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأل الكفار عن أمور لا عذر لهم من الاعتراف فيها، ثم أمره أن ينكر عليهم بعد الاعتراف منهم ويوبخهم فقال (قل لمن الأرض ومن فيها) أي قل يا محمد لأهل مكة هذه المقالة، والمراد بمن في الأرض الخلق جميعا، وعبر عنهم بمن تغليبا للعقلاء (إن كنتم تعلمون) شيئا من العلم، وجواب الشرط محذوف: أي إن كنتم تعلمون فأخبروني. وفى هذا تلويح بجهلهم وفرط غباوتهم (سيقولون لله) أي لا بد لهم أن يقولوا ذلك، لأنه معلوم ببديهة العقل، ثم أمره سبحانه أن يقول لهم بعد اعترافهم (أفلا تذكرون) ترغيبا لهم في التدبر وإمعان النظر والفكر، فإن ذلك مما يقودهم إلى اتباع الحق وترك الباطل، لأن من قدر على ذلك ابتداء