قال: خلق الله اللوح المحفوظ لمسيرة مائة عام، وقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش: اكتب، قال:
ما أكتب؟ قال: علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة، فجرى القلم بما هو كائن في علم الله إلى يوم القيامة، فذلك قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض) يعني ما في السماوات السبع والأرضين السبع (إن ذلك) العلم (في كتاب) يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل أن يخلق السماوات والأرضين (إن ذلك على الله يسير) يعني هين. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (يكادون يسطون) يبطشون.
سورة الحج الآية (73 - 78).
قوله (يا أيها الناس ضرب مثل) هذا متصل بقوله: (ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا، قال الأخفش: ليس ثم مثل، وإنما المعنى ضربوا لي مثلا (فاستمعوا) قولهم، يعني أن الكفار جعلوا لله مثلا بعبادتهم غيره، فكأنه قال: جعلوا لي شبها في عبادتي فاستمعوا خبر هذا الشبه. وقال القتيبي: إن المعنى يا أيها الناس مثل من عبد آلهة لم تستطع أن تخلق ذبابا. وإن سلبها شيئا لم تستطع أن تستنقذه منه. قال النحاس: المعنى ضرب الله عز وجل لما يعبدونه من دونه مثلا. قال: وهذا من أحسن ما قيل فيه: أي بين الله لكم شبها ولمعبودكم. وأصل المثل جملة من الكلام متلقاة بالرضا والقبول مسيرة في الناس مستغربة عندهم، وجعلوا مضربها مثلا لموردها، ثم قد يستعيرونها للقصة أو الحالة أو الصفة المستغربة لكونها مماثلة لها في الغرابة كهذه القصة المذكورة، في هذه الآية.
والمراد بما يدعونه من دون الله: الأصنام التي كانت حول الكعبة وغيرها. وقيل المراد بهم السادة الذين صرفوهم عن طاعة الله لكونهم أهل الحل والعقد فيهم. وقيل الشياطين الذين حملوهم على معصية الله، والأول أوفق بالمقام وأظهر في التمثيل، والذباب اسم للواحد يطلق على الذكر والأنثى، وجمع القلة أذبة، والكثرة ذبان مثل غراب وأغربة وغربان. وقال الجوهري: الذباب معروف الواحد ذبابة. والمعنى: لن يقدروا على خلقه مع كونه صغير الجسم حقير الذات. وجملة (ولو اجتمعوا له) معطوفة على جملة أخرى شرطية محذوفة: أي لو لم يجتمعوا