وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه (سنعيدها سيرتها الأولى) قال: حالتها الأولى. وأخرجا عنه أيضا (من غير سوء) قال من غير برص. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) قال: كان أكبر من موسى. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله (وأشركه في أمري) قال نبئ هارون ساعتئذ حين نبئ موسى.
سورة طه الآية (36 - 44) لما سأل موسى ربه سبحانه أن يشرح صدره وييسر له أمره ويحلل عقدة من لسانه ويجعل له وزيرا من أهله أخبره الله سبحانه بأنه قد أجاب ذلك الدعاء، فقال (قد أوتيت سؤلك يا موسى) أي أعطيت ما سألته، والسؤال المسؤول: أي المطلوب كقولك: خبر بمعنى مخبور، وزيادة قوله يا موسى لتشريفه بالخطاب مع رعاية الفواصل، وجملة (ولقد مننا عليك مرة أخرى) كلام مستأنف لتقوية قلب موسى بتذكيره نعم الله عليه، والمن الإحسان والإفضال. والمعنى: ولقد أحسنا إليك مرة أخرى قبل هذه المرة، وهى حفظ الله سبحانه له من شر الأعداء كما بينه سبحانه هاهنا، وأخرى تأنيث آخر بمعنى غير (إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى) أي مننا ذلك الوقت وهو وقت الإيحاء فإذ ظرف للإيحاء، والمراد بالإيحاء إليها إما مجرد الإلهام لها أو في النوم بأن أراها ذلك أو على لسان نبي أو على لسان ملك، لا على طريق النبوة كالوحي إلى مريم أو بإخبار الأنبياء المتقدمين بذلك وانتهى الخبر إليها، والمراد بما يوحى ما سيأتي من الأمر لها، أبهمه أولا وفسره ثانيا تفخيما لشأنه، وجملة (أن اقذفيه في التابوت) مفسرة لأن الوحي فيه معنى القول، أو مصدرية على تقدير بأن اقذفيه، والقذف هاهنا الطرح: أي اطرحيه في التابوت وقد مر تفسير التابوت في البقرة في قصة طالوت (فاقذفيه في اليم) أي اطرحيه في البحر، واليم: البحر أو النهر الكبير. قال الفراء: هذا أمر وفيه المجازاة: أي اقذفيه يلقه اليم بالساحل والأمر للبحر مبني على تنزيله منزلة من يفهم ويميز، لما كان إلقاؤه إياه بالساحل أمرا واجب الوقوع، والساحل هو شط البحر، سمى ساحلا لأن الماء سحله قاله ابن دريد، والمراد هنا ما يلي الساحل من البحر لا نفس الساحل، والضمائر هذه كلها لموسى لا للتابوت، وإن كان قد ألقى معه لكن المقصود هو موسى مع كون الضمائر قبل هذا وبعده له. وجملة (يأخذه عدو لي وعدو له) جواب الأمر بالالقاء، والمراد بالعدو فرعون، فإن أم موسى لما ألقته في البحر وهو النيل المعروف، وكان يخرج منه نهر إلى دار فرعون فساقه الله في ذلك النهر إلى داره، فأخذ التابوت فوجد موسى فيه، وقيل إن