وتفصيل هذه الجملة أن الحرم المذكور هو ما بين الجبلين المذكورين، فإن عائرا " ووعيرا ": اسمان لجبلين مكتنفين للمدينة، أحدهما من المشرق، والآخر من المغرب ووعير ضبطه الشهيد في الدروس بفتح الواو، ونقل عن المحقق الشيخ على أنه وجده في مواضح متعددة يضم الواو، وفتح العين المهملة، والحرة بالفتح والتشديد أرض ذات أحجار سود، ومنه سميت الحرتان المذكورتان بذلك، وهما أدخل في المدينة، وهذا الحرم: بريد في بريد، ويوضح ذلك ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى الخراز (1) عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: بينا نحن جلوس وأبي عند وال لبني أمية على المدينة إذ جاء أبي فجلس فقال: كنت عند هذا قبيل فسألهم عن التقصير فقال قائل منهم: في ثلاث وقال قائل منهم: يوما " وليلة، وقال قائل منهم روحة فسألني فقلت له: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أنزل عليه جبرائيل (عليه السلام) بالتقصير قال له النبي (صلى الله عليه وآله) في كم ذاك، فقال: في بريد، قال: وأي شئ البريد: قال ما بين ظل عير إلى فئ وعير، قال: ثم عبرنا زمانا " ثم رأى بنو أمية يعلمون أعلاما " على الطريق، وأنهم ذكروا ما تكلم به أبو جعفر (عليه السلام) فذرعوا ما بين ظل عير إلى فئ وعير ثم جزوه على اثني عشر ميلا " الحديث.
والتقريب فيه أنه دل على أن ما بين الجبلين بريد اثنا عشر ميلا، واختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في صيد هذا الحرم، وقطع شجرة فقيل: إنه لا يجوز قطع شجرة، ولا قتل صيد ما بين الحرمين، ونسبه في المدارك إلى الأكثر قال:
به قطع في المنتهى، وأسنده إلى علمائنا، مؤذنا بدعوى الاجماع عليه.
وقيل بالكراهة، وبه صرح المحقق في الشرايع، وذكر في المسالك أن هذا القول هو المشهور بين الأصحاب قال: بعد أن ذكر أن في المسألة قولين: أحد - هما التحريم، وهو اختيار الشيخ والعلامة في المنتهى، والثاني وهو المشهور بين الأصحاب، بل كثير منهم لم يذكروا فيه خلافا الكراهة إلى أن قال وبعض