أن أقتل مقاتليهم وأسبي ذريتهم وأهدم بيتهم، فقالوا: إنا لا نرى الذي أصابك إلا لذلك، قال: ولم هذا؟ قالوا: لأن البلد حرم الله والبيت بيت الله وسكانه ذرية إبراهيم خليل الرحمن، فقال صدقتم فما مخرجي مما وقعت فيه، قالوا: تحدث نفسك بغير ذلك فعسى الله أن يرد عليك، قال: فحدث نفسه بخير، فرجعت حدقتاه وثبتتا في مكانهما قال: فدعى القوم الذين أشاروا عليه بهدمها فقتلهم، ثم أتى البيت فكساه وأطعم الطعام ثلاثين يوما كل يوم مأة جزور حتى حملت الجفان إلى السباع في رؤوس الجبال ونثرت الأعلاف في الأودية للوحوش ثم انصرف من مكة إلى المدينة، فأنزل بها قوما " من أهل اليمن من غسان وهم الأنصار، قال في الكافي وفي رواية أخرى كساه النطاع وطيبه ".
قال في الفقيه (1): ما أراد الكعبة أحد بسوء إلا غضب الله تعالى لها، " ونوى يوما تبع الملك أن يقتل مقاتله أهل الكعبة ويسبي ذريتهم " ثم ساق الحديث على اختلاف في ألفاظه وقال فيه أيضا وروي (2) أنه ذبح له ستة آلاف بقرة بشعب ابن عامر، وكان يقال له مطابخ تبع حتى نزلها ابن عامر، فأضيفت إليه فقيل شعب ابن عامر ولم يكن تبع مؤمنا ولا كافرا ولكنه ممن كان يطلب الدين الحنيف ولم يملك المشرق إلا تبع وكسرى " انتهى.
أقول: قال في كتاب مجمع البحرين: " وتبع كسكر: اسم لملوك اليمن التبابعة، وهم سبعون تبعا ملكوا جميع الأرض ومن فيها من العرب والعجم، وكان تبع الأوسط مؤمنا وهو تبع الكامل بن ملكي بن كرب بن تبع الأكبر بن تبع الأقرن، وهو ذو القرنين الذي قال الله فيه (3) " أهم خير أم قوم تبع " وكان من أعظم التبابعة، وأفصح شعراء العرب ويقال: إنه نبي مرسل إلى نفسه، لما تمكن من ملك الأرض والدليل على ذلك أن الله تعالى ذكره عند ذكر الأنبياء، فقال (4) " وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد " ولم يعلم أنه أرسل إلى قوم تبع رسول غير تبع، وهو الذي