في المعالم، وقبله والده في الروض وغيرهم. والثاني صريح العلامة في الإرشاد، وربما تبعه فيه بعض من تأخر عنه، قال في المعالم: " وربما قيل إن حجته النهي عن استعمالها وسقوطها ظاهر " انتهى. والثالث ظاهر الصدوقين والمحقق. إلا أنهم خصوا المنع بالغسل، والذي فهمه من تأخر عنهم من كلامهم هو الحكم بالطاهرة وإن امتنع الغسل بها.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لقائل أن يقول: إن جل الأخبار المتقدمة قد دلت على المنع من الغسل، والظاهر أنه لا خصوصية لذكر الغسل إلا من حيث إن الحمام غالبا إنما اتخذ لذلك، والأحكام في الأخبار كما نبهنا عليه غير مرة إنما تخرج بناء على الأفراد المتكررة الغالبة، وحينئذ فلا فرق في المنع من الاستعمال بين الغسل وغيره ومما يوضح ذلك أن الحكم بالنجاسة في أكثر المواضع إنما استفيد من نهي الشارع عن استعمال ما لاقته أو الأمر بغسله أو نحو ذلك، حتى أنه لو ورد شئ بلفظ النجاسة في مقام النزاع لسارعوا إلى تأويله بالحمل على المعنى اللغوي، ويؤيد ذلك ما ذكره السيد السند في المدارك، حيث قال بعد الاستدلال على نجاسة البول من غير المأكول بحسنة عبد الله بن سنان المتضمنة للأمر بغسل الثوب من أبوال ما لا يؤكل لحمه (1) وكلام في البين ما صورته: " ولا معنى للنجس شرعا إلا ما وجب غسل الملاقي له، بل سائر الأعيان النجسة إنما استفيد نجاستها من أمر الشارع بغسل الثوب أو البدن من ملاقاتها " انتهى. والأمر فيما نحن فيه كذلك.
فإن قيل: إن القاعدة الكلية الدالة على طهارة ما لا يعلم ملاقاته النجاسة ترد ما ذكرتم.
قلنا: ما ذكرنا من الأخبار بالتقريب المذكور خاص، وهو مقدم على العام كما تقرر بين العلماء الأعلام.