استنادا إلى أن التغير حصل واقعا وإن منع من ظهوره مانع، والمناط التغير في الواقع لا الحسي، والفرق بين الموضعين لا يخلو من خفاء.
ويؤيد ذلك أن الظاهر أن الشارع إنما ناط النجاسة بالتغير في هذه الأوصاف لدلالته على غلبة النجاسة وكثرتها على الماء واقعا، وإلا فالتغير بها من حيث هو لا مدخل له في التنجيس، فالمنجس حقيقة هو غلبة النجاسة وزيادتها وإن كان مظهره التغير المذكور، وحينئذ فلو كانت هذه النجاسة المسلوبة الأوصاف بلغت في الكثرة إلى حد يقطع بتغير الماء بها لو كانت ذات أوصاف، فقد حصل موجب التنجيس حقيقة الذي هو غلبة النجاسة وزيادتها على الماء.
وبالجملة فإنا نقول: كما أن الموجب لنجاسة القليل على المشهور مجرد ملاقاة النجاسة وإن قلت، فالمنجس للكثير كثرتها وغلبتها. وإناطة ذلك بالتغير في تلك الأوصاف إنما هو لكونه مظهرا لها غالبا، فمع حصولها بدونه تكون موجبة للتنجيس (1).
ويؤيد ذلك أيضا ما صرح به المحقق الثاني من أن عدم التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال وإن زادت النجاسة أضعافا، وهو كالمعلوم البطلان.
والجواب بأنه مع استهلاك النجاسة الماء لكثرتها يثبت التنجيس قولا واحدا مما يؤيد ما حققناه آنفا من أن الاعتبار بغلبة النجاسة وكثرتها على الماء وإن تفاوت ذلك