فرد آخر لذكره (عز شأنه) سيما مع ما يدل عليه قوله سبحانه: " وإنا على ذهاب به لقادرون " (1) من التهديد بأنه إن أذهب ذلك الماء النازل من السماء لم يبق لنا غيره.
وبما ذكرنا صرح جمع من الأصوليين، حيث قالوا بأن النكرة في سياق الاثبات إذا كانت للامتنان عمت، وفرعوا عليه قوله سبحانه: " فيهما فاكهة ونخل ورمان " (2).
والجواب عن الثالث أن الطهور في اللغة لمعان:
(أحدها) أنه وصف بمعنى طاهر، ومنه انقدحت الشبهة على المعترض المذكور.
و (ثانيها) ما هو مشهور بين أهل اللغة على ما نقله جمع من الخاصة والعامة من أنه اسم لما يتطهر به، كالسحور والوقود والغسول ونحوها. وحمله في تلك الآيات على هذا المعنى ممكن، وإن احتاج وصف الماء به إلى نوع تجريد، لأن أسماء الآلة كأسماء الزمان والمكان لا يوصف بها مثل المشتقات، وحينئذ فلا أثر لذلك الإيراد.
و (ثالثها) بمعنى الطاهر المطهر كما هو المدعى، وبذلك صرح الفاضل الفيومي في كتاب المصباح المنير، حيث قال: " وطهور قيل مبالغة وأنه بمعنى طاهر، والأكثر أنه لوصف زائد، قال ابن فارس: قال ثعلب: الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره. وقال الأزهري أيضا: الطهور في اللغة هو الطاهر المطهر، قال: وفعول في كلام العرب لمعان: (منها) فعول لما يفعل به، مثل الطهور لما يتطهر به، والوضوء لما يتوضأ به، والفطور لما يفطر عليه والغسول لما يغتسل به ويغسل به الشئ، وقوله عليه الصلاة والسلام: " هو الطهور ماؤه " (3) أي هو الطاهر المطهر