في الحظر والإباحة، قال الشيخ (رحمه الله): اعتقادنا في ذلك أن الأشياء كلها مطلقة حتى يرد في شئ منها نهي " انتهى. فالأشياء عنده إما حلال أو حرام كما هو عند المجتهدين مع أنه رئيس الأخباريين.
ومنها أنهم ذكروا أن الاستدلال بالكتاب والسنة خاصة مخصوص بالإخباريين، مع أن الخلاف بين الأخباريين واقع فيه، فمنهم المحدث الأسترآبادي الذي هو المجدد لمذهب الأخباريين في الزمان الأخير. فإنه قد صرح في كتاب الفوائد المدنية بعدم جواز العمل بشئ منه إلا ما ورد تفسيره عن أهل العصمة (سلام الله عليهم) واقتصر آخرون على العمل بمحكماته، وتعدى آخرون حتى كادوا أن يشاركوا الأئمة (عليهم السلام) في تأويل متشابهاته كما تقدمت الإشارة إليه (1).
و (أما ثالثا) فلأن العصر الأول كان مملوءا من المحدثين والمجتهدين، مع أنه لم يرتفع بينهم صيت هذا الخلاف، ولم يطعن أحد منهم على الآخر بالاتصاف بهذه الأوصاف، وإن ناقش بعضهم بعضا في جزئيات المسائل واختلفوا في تطبيق تلك الدلائل.
وحينئذ فالأولى والأليق بذوي الايمان، والأحرى والأنسب في هذا الشأن هو أن يقال: إن عمل علماء الفرقة المحقة والشريعة الحقة أيدهم الله تعالى بالنصر والتمكين ورفع درجاتهم في أعلى عليين سلفا وخلفا إنما هو على مذهب أئمتهم (صلوات الله عليهم) وطريقهم الذي أوضحوه لديهم، فإن جلالة شأنهم وسطوع برهانهم وورعهم وتقواهم المشهور بل المتواتر على مر الأيام والدهور يمنعهم من الخروج عن تلك الجادة القويمة والطريقة المستقيمة، ولكن ربما حاد بعضهم أخباريا كان أو مجتهدا عن الطريق غفلة أو توهما أو لقصور اطلاع أو قصور فهم أو نحو ذلك في بعض المسائل، فهو