فبضعف السند أولا، وحمل اطلاق المادة فيها على ما هو الغالب من أكثرية المادة كما هو الآن موجود، أو إرادة الكثرة من لفظ المادة لاشعارها بذلك. ولئن سلمنا العموم في كلا الخبرين فلا ريب أن عموم اشتراط الكرية أقوى دلالة فيجب تخصيص هذا العموم به.
ويرد على ذلك أن عدم التعرض للمادة والقلة والكثرة لا ينفي صحة الاستدلال بالخبر باعتبار عمومه، وتنزيله منزلة الجاري في الخبر المذكور أخرجه عن حكم القليل، فلا يلزم من الحكم بانفعال القليل بالملاقاة الحكم بانفعاله، فإنه كما خرج ماء الاستنجاء وماء المطر عن قاعدة الماء القليل بنص خاص، فكذا ماء الحمام ينبغي خروجه بمقتضى النص المذكور. نعم يخرج منه القليل الذي لم يتصل بالمادة أصلا بناء على القول بنجاسة القليل بالملاقاة باجماع القائلين بذلك عليه، ويبقى غيره داخلا في عموم الخبر.
وبالجملة فهذه الروايات أخص موضوعا من الروايات الدالة على انفعال القليل بالملاقاة، ومقتضى القاعدة تخصيص تلك بهذه لا العكس.
وأما ضعف السند في الرواية الثانية (1) فيدفعه جبر ذلك بعمل الأصحاب كما هو مقرر بينهم، وكلا الأمرين اصطلاحيان. والحمل على الغالب خلاف الظاهر وخلاف مدلول تلك الصحيحة المذكورة (2).
وإلى هذا القول (3) مال جملة من المتأخرين ومتأخريهم (4).