الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور (17) أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار) (18) آية في الكوفي وآيتان في البصري والمدنيين تمام الأولى " والنور ".
قرأ أهل الكوفة إلا " حفصا أم هل يستوي " بالياء. الباقون بالتاء، من قرأ بالتاء فلانه مسند إلى مؤنث لم يفصل بينه وبين فاعله بشئ كما قال " قالت الاعراب " (1)، و " قالت اليهود " (2) و " إذ قالت أمة " (3) وقد جاء في مثل ذلك التذكير، كقوله " وقال نسوة " (4) ومن قرأ بالياء، فلانه تأنيث غير حقيقي والفعل مقدم.
هذا خطاب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، يأمره بأن يقول لهؤلاء الكفار " من رب السماوات والأرض " أي من مدبر هما ومصرفهما على ما فيهما من العجائب، فإنهم لا يمكنهم أن يدعوا أن مدبر السماوات والأرض الأصنام التي يعبدونها، فإذا لم يمكنهم ذلك، فقل لهم رب السماوات والأرض وما بينهما من أنواع الحيوان والنبات والجماد " الله " تعالى، فإذا أقروا بذلك فقل لهم على وجه التبكيت لهم والتوبيخ لفعلهم:
أفاتخذتم من دون الله أولياء توجهون عبادتكم إليهم؟! فالصورة صورة الاستفهام والمراد به التقريع والتوبيخ. ثم بين ان هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من الأصنام والأوثان لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ومن لا يملك لنفسه ذلك فإنه بأن لا يملك لغيره، أولى وأحرى، ومن كان كذلك كيف يستحق العبادة ثم قال لهم " هل يستوى الأعمى والبصير " أم هل يتساوى الأعمى عن طريق الحق والعادل عنه إلى الضلال. والبصير الذي اهتدى إلى الحق، فإنهما لا يتساويان ابدا، كما لا