قوله تعالى:
(ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين) (22) آية بلا خلاف.
اخبر الله تعالى ان يوسف لما بلغ أشده، وهو كمال القوة. وقال قوم هو من ثماني عشرة سنة إلى ستين سنة، وقال ابن عباس من عشرين. وقال مجاهد من ثلاث وثلاثين سنة، والأشد جمع، لا واحد له من لفظه مستعمل. وفي القياس واحد شد، كواحد الاضر ضر، وواحد الأشر شر قال الشاعر:
هل غير أن كثر الأشر وأهلكت * حرب الملوك أكاثر الأموال (1) وقوله " آتيناه حكما وعلما " يعني أعطيناه ذلك، والحكم القول الفصل الذي يدعو إلى الحكمة ويقال تقديرا لما يوتى له بعلة: يعلم من دليل الحكم ومن غير دليل الحكم. والأصل في الحكم تبيين ما يشهد به الدليل، لان الدليل حكمة من اجل أنه يقود إلى المعرفة. وقيل: معناه آتيناه الحكم على الناس. وقيل آتيناه الحكمة في فعله بألطافنا له، والحكيم العامل بما يدعو إليه العلم. والعلم ما اقتضى سكون النفس. وقال قوم هو تبيين الشئ على ما هو به، وزاد فيه الرماني: ما يحل في القلب تحرزا من الرؤية، لأنها يبين بها الشئ على ما هو به، لكنه معنى يحل في العين، ومن قال الادراك ليس بمعنى لا يحتاج إلى ذلك.
وقوله " وكذلك نجزي المحسنين " معناه مثل ما جازينا يوسف نجازي كل من أحسن وفعل الأفعال الحسنة من الطاعات. والاحسان هو النفع بالحسن الذي يستحق به الحمد، فعلى هذا يصح أن يحسن الانسان إلى نفسه كما يصح أن يسئ إلى