والفحشاء اللذين هما القتل والمكروه أو ظن القبيح واعتقاده فيه.
فان قيل هذا يقتضي ان جواب (لولا) تقدمها في ترتيب الكلام، ويكون التقدير: لولا أن رأى برهان ربه لهم بضربها، وتقدم جواب (لولا) قبيح أو يقتضي أن تكون (لولا) بغير جواب!.
قلنا: اما تقدم جواب (لولا) فجائز مستعمل وسنذكر ذلك فيما بعد، ولا نحتاج إليه في هذا الجواب، لان العزم على الضرب والهم به وقعا إلا أنه انصرف عنها بالبرهان الذي رآه، ويكون التقدير ولقد همت به، وهم بدفعها لولا أن رأى برهان ربه، لفعل ذلك، فالجواب المتعلق ب (لولا) محذوف في الكلام، كما حذف في قوله " ولولا فضل الله عليكم ورحمته. وان الله رؤوف رحيم " (1) معناه، ولولا فضل الله عليكم لهلكتم ومثله " كلا لو تعلمون علم اليقين " (2) لم تنافسوا في الدنيا وتحرصوا على حطامها، وقال امرؤ القيس:
فلو انها نفس تموت سوية * ولكنها نفس تساقط أنفسا (3) والمعنى فلو انها نفس تموت سوية لنقصت وفنيت، فحذف الجواب تعويلا على أن الكلام يقتضيه، ولابد لمن حمل الآية على أنه هم بالفاحشة ان يقدر الجواب، لان التقدير، ولقد همت بالزنا وهم بمثله،، و " لولا أن رأى برهان ربه " لفعله.
وإنما حمل همها على الفاحشة وهمه على غير ذلك، لان الدليل دل من جهة العقل والشرع على أن الأنبياء، لا يجوز عليهم فعل القبائح، ولم يدل على أنه لا يجوز عليها ذلك بل نطق القرآن بأنها همت بالقبيح، قال الله تعالى " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه. وقوله حاكيا عنها " الآن حصحص الحق انا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين وقال " قالت فذلكن الذي لمتنني به ولقد راودته عن نفسه فاستعصم " وأجمعت الأمة من المفسرين وأصحاب الاخبار