واما قراءة أبي عمرو، وابن عامر، فعلى أن معناه نرتع أبلنا، أو على اننا ننال ما نحتاج إليه ومعناه ننال. فأما قوله " ونلعب " فحكي ان أبا عمرو قيل له كيف يقولون نلعب، وهم أنبياء؟ فقال لم يكونوا يومئذ أنبياء، فعلى هذا سقط الاعتراض ولا يجوز أن يكون المراد به مثل ما قال الشاعر.
حدت حداد تلاعب وتقشعت * غمرات قالت ليسه حيران (1) فكان اللعب ههنا الذي لم يتشمر في امره، فدخله بعض الهوينا، فهذا أسهل من الوجه الذي قوبل بالحق، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لجابر: (فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك) وإنما أراد بذلك التشاغل بالمباح والعمل بما يتقوى به على العبادة والطاعة. وقد روي عن بعض السلف انه كان إذا أكثر النظر في مسائل الفقه قال احمضونا، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فان المبتت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. فليس هذا اللعب من الذين " قال إنما كنا نخوض ونلعب " في شئ.
ومن قرأ بالياء فإن كان يرتع من اللهو، كما فسره أبو عبيدة، فلا يمتنع ان يخبر به عن يوسف لصغره، كما لا يمتنع ان ينسب إليه اللعب كذلك إن كان " يرتع " من النيل من الشئ، فلذلك أيضا لا يمتنع عليه أيضا، فوجهها بين، وهو أبين من قول من قال " ونلعب " بالنون، لأنهم سألوا ارساله ليتنفس بلعبه، ولم يسألوا ارساله ليلعبوا هم.
والرتع الاتساع في البلاد بالذهاب في جهاتها من اليمين والشمال، فلان يرتع في المال وغيره من ضروب الملاذ، واصل الرتعة التصرف في الشهوات رتع فلان في ماله إذا انفق في شهواته قال القطامي:
أكفرا بعد رد الموت عني * وبعد عطائك المائة الرتاعا (2)