كلهم قرأ " تأمنا " بفتح الميم وادغام النون الأولى في الثانية، والإشارة إلى اعراب النون المدغمة بالضم اتفاقا، قال أبو علي وجه ذلك ان الحرف المدغم بمنزلة الموقوف عليه من حيث جمعهما السكون، فمن حيث اشموا الحرف الموقوف عليه إذا كان مرفوعا في الادراج أشموا النون المدغمة في (تأمنا) وليس ذلك بصوت خارج إلى اللفظ، وإنما هي هيئة العضو لاخراج ذلك الصوت به ليعلم بذلك أنه يريد ذلك المتهيأ له.
حكى الله تعالى عن أخوة يوسف لما تآمروا على ما يفعلونه بيوسف أنهم، قالوا لأبيهم لم " لا تأمنا على يوسف " قال الزجاج: يجوز في (تأمنا) أربعة أوجه:
تأمننا بالاظهار ورفع النون الأولى، لان النونين من كلمة، و " تأمنا " بالادغام وهي قراءة القراء لالتقاء المثلين، و (تأمنا) بالادغام والاشمام، وهو الذي حكاه ابن مجاهد عن الفراء، للاشعار بالضمة، و (تئمنا) بكسر التاء وهي قراءة يحيى ابن وثاب، لان ماضيه فعل، كما قالوا تعلم ونعلم إلا أن القراءة بالادغام والاشمام.
والامن سكون النفس إلى انتفاء الشر، وضده الخوف، وهو انزعاج النفس لما يتوقع من الضر. وقوله " وانا له لناصحون " تمام الحكاية عنهم أنهم قالوا إنا ليوسف لنا صحون مشفقون عليه. والنصح إخلاص العمل من فساد يتعمد.
ونقيضه الغش. والنصح في التوبة اخلاصها مما يفسدها. وذلك واجب فيها وهي التوبة النصوح.
قوله تعالى:
(أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون) (12) آية بلا خلاف.
قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو " نرتع ونلعب " بالنون فيهما. وكسر العين من " يرتع " من غير بلوغ إلى الياء أهل الحجاز، إلا المالكي. والعطار عن الزبيبي اثبات (ياء) في الوصل، والوقف بعد العين. الباقون بسكون العين، ولم