يختلفوا في سكون الباء من ويلعب، وقرأ نافع يرتع، ويلعب بالياء فيهما، وكسر العين. وقرأ أهل الكوفة بالياء فيهما، وجزم العين والباء. قال أبو علي: قراءة ابن كثير حسنة، لأنه جعل الارتعاء القيام على المال لمن بلغ وجاوز الصغر، واسند اللعب إلى يوسف لصغره، ولا لوم على الصغير في اللعب، ولا ذم.
والدليل على صغر يوسف قول أخوته " وانا له لحافظون " ولو كان كبيرا ما احتاج إلى حفظهم. وأيضا قال يعقوب أخاف ان يأكله الذئب، ولو لم يكن صغيرا ما خاف عليه، وإنما يخاف الذئب على من لا دفاع فيه، ولا ممانعة له: من شيخ، فان أو صبي صغير قال الشاعر:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا * أملك رأس البعير ان نفرا والذئب أخشاه ان مررت به * وحدي وأخشى الرياح والمطرا (1) فأما اللعب فمما لا ينبغي ان ينسب إلى أهل النسك والصلاح، ألا ترى إلى قوله: " أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين " (2) فقوبل اللعب بالحق فدل على أنه خلافه، وقال " ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب " (3) وقال " وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا " فأما الارتعاء فهو افتعال من رعيت مثل سويت واستويت وكل واحد منهما متعد إلى مفعول به، قال الشاعر:
ترتعي السفح فالكثيب فذا قار * فروض القطا فذات الرئال (4) وقال أبو عبيدة: ويجوز ان يقال نرتع ويراد ترتع إبلهم ووجه ذلك أنه كان الأصل ترتع إبلنا ثم حذف المضاف وأسند الفعل إلى المتكلمين، فصار نرتع وكذلك نرتعي على ترتعي إبلنا، ثم يحذف المضاف فيكون نرتعي. وقال أبو عبيدة: نرتع نلهو، وقد تكون هذه الكلمة على غير معنى النيل من الشئ كقولهم في المثل العبد والرتعة، فكان على هذا النيل والتناول مما يحتاج إليه الحيوان.