الثاني - لعظم شأن الغيب الذي له. ومن كان له الغيب كان له الشهادة، والغيب كون الشئ بحيث لا يلحقه الحس، ومنه " عالم الغيب والشهادة " (1).
أي عالم الموجود والمعدوم، وما يغيب عن احساس الناس وما يظهر لها، ومعنى " واليه يرجع الامر كله " أي يذهب إلى حيث ابتدأ منه، فرجوع الامر إلى الله بالإعادة بعد النشأة الأولى. وقيل ترجع الأمور إلى أن لا يملكها سواه تعالى - في قول أبي علي الجبائي.
وقوله " فاعبده " أي وجه عبادتك إليه وحده " وما ربك بغافل عما تعملون " فالغفلة السهو، الا ان الغفلة يغلب عليها أن تكون بعد اليقظة، كالنوم بعد الانتباه، والسهو نقيض الذكر من غير علة في الصفة. والمعنى انه ليس ربك يا محمد صلى الله عليه وسلم بساه عن اعمال عباده، بل هو عالم بها ومجاز كلا على ما يستحقه من ثواب أو عقاب، فلا يحزنك إعراضهم عنك، وترك قبولهم منك. وقال كعب الأحبار خاتمه التوراة خاتمه هود.