ويكون " ما نثبت به فؤادك " بدلا منه - في قول الزجاج - والقصص الخبر عن الأمور بما يتلو بغضه بغضا، مأخوذا من قصه يقصه إذا اتبع أثره، ومنه قوله " قالت لأخته قصيه " (1) أي اتبعي اثره. والانباء جمع نبأ، وهو الخبر بما فيه عظم الشأن، وكذلك يقولون لهذا الامر نبأ، والتثبيت تمكين إقامة الشئ ثبته تثبيتا إذا مكنه، ومعنى " ما نثبت به فؤادك " يحتمل أن يكون ذلك بتسكينه، ويحتمل أيضا أن يكون بالدلالة على وجوده. والفؤاد القلب مأخوذ من المفتاد، وهو المشوي قال النابغة:
كان خارجا من حيث صفحته * سفود شرب نسوه عند مفتأد (2) ومعنى " وجاءك في هذه الحق " قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد: يعني في هذه السورة. وقال الجبائي يعني جاءك في هذه الانباء. وقال الزجاج: يعني في هذه الأزمان. وقال قتادة: معناه في هذه الدنيا. والأول أصح، والتقدير وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك في سائر السور.
ومعنى (الآية) الاعتبار بقصص الرسل لما فيه من حسن صبرهم على أمتهم واجتهادهم في دعائهم إلى عبادة الله مع الحق الذي من عمل عليه نجا، ومع الوعظ الذي يلين القلب لسلوك طريق الحق، ومع تذكر الخير والشر، وما يدعو إليه كل واحد منهما في عاقبة النفع أو الضرر.
وقوله " وموعظة " يعني جاءك موعظة تعظ الجاهلين بالله.
وقوله (وذكرى للمؤمنين " معناه تذكرة تذكر المؤمنين بالله ورسله كي لا يفعلوا غير الواجب.