برك بي اي لبرك بي، فيكون التقدير، وعلى ذلك خلقهم، ولا يجوز أن يكون اللام لام الغرض، ويرجع إلى الاختلاف المذموم، لان الله تعالى لا يخلقهم ويريد منهم خلاف الحق، لأنه صفة نقص يتعالى الله عن ذلك. وأيضا فلو أراد منهم ذلك الاختلاف، لكانوا مطيعين له، لان الطاعة هي موافقة الإرادة والامر، ولو كانوا كذلك لم يستحقوا عقابا. وقد قال تعالى " وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون " (1) فبين تعالى انه خلقهم وأراد منهم العبادة، فكيف يجوز مع ذلك أن يكون مريدا لخلاف ذلك، وهل هذا الا تناقض؟! يتعالى الله عن ذلك.
على أن في اختلاف أهل الضلال ما يريده الله، وهو اختلاف اليهود والنصارى في التثليث، واختلاف النصارى لليهود في تأبيد شرع موسى وقيل إن معنى الاختلاف ههنا هو مضي قوم ومجئ قوم آخرين، كما قال " هو الذي جعل الليل والنهار خلفة " (2) وهذا الاختلاف يجوز ان يريده الله.
وقال الحسن قوله " ولذلك خلقهم " مردود على قوله " وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون " (3) والمعنى خلقهم ليكون عدله فيهم، هذا، لا أن يهلكهم وهم مصلحون.
وقوله " ولو شاء ربك الجعل الناس أمة واحدة " على الايمان، وهذه مشيئة القدرة " ولذلك خلقهم " أن تكون مشيئته وقدرته عليهم، ولا يزالون مختلفين " الا من رحم ربك ولذلك خلقهم " قال ليخالف أهل الحق أهل الباطل، وهو كقوله " لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير " (4)