الثالث - يا أبة بضم الهاء في قول الفراء ولم يجره الزجاج، قال: لان التاء عوض من ياء الإضافة. قال الرماني هذا جائز لان العوض لا يمنع من الحذف، والوقف يجوز على التاء، لان الإضافة مقدرة بعدها، وان قدر على حذف الألف لم يجز الوقف، الا بالتاء وان قدر على الاقحام جاز الوقف كقول النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطئ الكواكب (1) وإنما دخلت الهاء في (يا أبت) للعوض من ياء الإضافة إذ يكثر في النداء، مع لزوم معنى الإضافة، فكان أحق بالعلامة لهذه العلة. وقال أبو علي: إنما وقف ابن كثير بالهاء، فقال يا أبة، لان التاء التي للتأنيث تبدل منها الهاء في الوقف، ولم يجز على تقدير الإضافة، لأنه إذا وقف عليها سكنت للوقف وإذا سكنت كانت بمنزلة مالا يراد به الإضافة فأبدل منها الهاء كما إذا قال يا طلحة أقبل بفتح التاء، وإذا وقف عليها أبدل الهاء ياء.
وإنما - أعاد ذكر " رأيتهم " لامرين: أحدهما - للتوكيد حيث طال الكلام.
الثاني - ليدل انه رآهم ورأي سجودهم، وفي معنى سجودهم قولان:
أحدهما - هو السجود المعروف على الحقيقة تكرمة له لا عبادة له.
الثاني - الخضوع - في قول أبي علي - كما قال الشاعر:
ترى الا كم فيه سجدا للحوافر (2) وهو ترك للظاهر، وقال الحسن: الأحد عشر اخوته، والشمس والقمر أبواه، وإنما قال ساجدين بالياء والنون، وهو جمع مالا يعقل، لأنه لما وصفها بفعل ما يعقل من السجود أجرى عليها صفات ما يعقل، كما قال " يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم " (3) لما أمروا امر من يعقل.