وأراد (كأن) المشددة، فخفف، واعمل، لان سيبويه حكى عمن يثق به أنه سمع من العرب من يقول: ان عمرا لمنطلق، قال وأهل المدينة يقرؤن " وان كلا لما جميع لدينا محضرون " (1) يخفون وينصبون، ووجه النصب بها مع التخفيف ان (ان) مشبهة في نصبها بالفعل، والفعل يعمل محذوفا كما يعمل غير محذوف في نحو (لم يك زيد منطلقا، فلا تك منطلقا) وكذلك " فلاتك في مرية " فاما من خفف (ان) ونصب (كلا) وشدد (لما) فقراءته مشكلة لان (أن) إذا نصب بها وكانت مخففة كانت بمنزلة الثقيلة و (لما) إذا شددت كانت بمنزلة (إلا) فكذلك قراءة من شدد (لما) وثقل (ان) مشكلة، لأنه كما لا يحسن أن تقول: ان زيد إلا منطلقا فكذلك لا يحسن تثقيل (ان) وتخفيفها ويراد الثقيلة مع تثقيل (لما) فاما قولهم: نشدتك الله لما فعلت، والا فعلت، فقال الخليل: معناه لتفعلن، كما تقول: أقسمت عليه لتفعلن وإنما دخل (إلا ولما) لان المعنى الطلب، فكأنه قال: ما أسألك إلا فعل كذا، فلم يذكر حرف النفي في اللفظ، وإن كان مرادا، وليس في الآية معنى نفي ولا طلب، وضعف أبو علي. الوجه الذي حكيناه من أن أصله (لمن ما) فادغم النون في الميم بعد ما قلبت ميما. قال: لان الحرف المدغم، إذا كان قبله ساكن نحو (يوم مالك) لم يقو الادغام فيه على أن يحرك الساكن الذي قبل الحرف المدغم، فإذا لم يجز ذلك فيه، وكان التغيير أسهل من الحذف، فإنه لا يجوز الحذف الذي هو أجدر، في باب التغيير من تحريك الساكن على أن في هذه السورة ميمات اجتمعت في الادغام، أكثر مما اجتمعت في (لمن ما) ولم يحذف منها شئ نحو قوله " وعلى أمم ممن معك " (2) ولم يحذف شئ منها فبأن لا يحذف - ههنا أجدر وحكي عن الكسائي أنه قال لا أعرف وجه التثقيل في (لما) قال أبو علي: ولم يبعد في ذلك، قال أبو علي: ولو خففت مخفف (ان) ورفع (كلا) وثقل (لما) ويكون المعنى ما كل الا ليوفينهم، كما قال " وان كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا " (3) لكان ذلك أبين من النصب في (كل) وتثقيل
(٧٦)