ومثله " وأرسلنا الرياح لواقح " (1) يعني ملاقح فجاء على حذف الزيادة، فعلى هذا يكون أصله أسعدوا بحذف الزائد. وحكى البلخي انهما لغتان - ضم السين - لغة هذيل، وفتحها لغة سائر العرب.
المعنى:
لما اخبر الله تعالى أن الذين شقوا بفعلهم المعاصي واستحقوا الخلود في النار، اخبر ان الذين سعدوا بطاعات الله والانتهاء عن معاصيه يكونون في الجنة " ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك، ومعنى ما دامت السماوات والأرض المصدر، كأنه قال دوام السماوات والأرض الا مشيئة ربك، وفيه حسن التقابل، وفيه جميع ما ذكرنا ه في الاستثناء من الخلود في النار إلا الوجهين الذين ذكرناهما في جواز إخراج بعض الأشقياء ممن تناول الوعيد لهم وإخراجهم من النار بعد دخولهم فيها، فان ذلك لا يجوز - ههنا - لاجماع الأمة على أن كل مستحق للثواب لابد أن يدخل الجنة، ولا يخرج منها بعد دخوله فيها.
وقيل فيه وجه آخر يوافق ما قلناه في الآية الأولى، وهو أن يكون المعنى " ان الذين سعدوا بطاعات الله يدخلون الجنة خالدين فيها، واستثنى من جملتهم من كان مستحقا للنار، وأراد الله عقابهم. ثم إخراجهم منها فكأنه قال خالدين فيها الا مدة ما كانوا معاقبين في النار، ذهب إليه الضحاك وهو يليق بقولنا في الارجاء.
وقوله " عطاء غير مجذوذ " يعني غير مقطوع - في قول ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك - يقال جذه يجذه جذا فهو جاذ، وجذ الله أثرهم قال النابغة:
يجذ السلوقي المضاعف نسجه * ويوقد بالصفاح نار الحباحب (2)