وكيلا (68) أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) (69) ثلاث آيات.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو " أن نخسف.. أو نرسل.. أن نعيدكم.. فنرسل " بالنون فيهن الباقون بالياء. الا أبا جعفر، وورش، فإنهما قرءا " فتغرقكم " بالتاء يردانه إلى الريح. ومن قرأ بالنون أراد الاخبار من الله عن نفسه. ومن قرأ بالياء أراد أن محمدا اخبر عن الله، والمعنيان متقاربان. وقال أبو علي: من قرأ بالياء فلانه تقدم " ضل من تدعون الا إياه، فلما نجاكم إلى البر.. أفأمنتم ان يخسف بكم " ومن قرأ بالنون، فلان مثله قد ينقطع بعضه عن بعض. والمعنى واحد، يقول الله تعالى لخلقه: انه إذا نالكم الضر، وأنتم ركاب البحر بان أشرفتم على الهلاك وخب بكم البحر وماجت الأمواج " ضل من تدعون " اي يكون بمنزلة من يضل عنكم، ولا ينجيكم من أهواله الا الله تعالى. وإنما خص البحر بذكر النجاة، لان له اهوالا هيجانية وخبة، لا يطمع عاقل في أن ينجيه أحد منه الا الذي خلق النفس وانعم بما وهب من العقل والسمع والبصر. وقال: إذا دعوتموه في ذلك الحال، ونجاكم، وخلصكم، وأخرجكم منه إلى البر أعرضتم عن ذكر الله، والاعتراف بنعمه.
ثم قال تعالى: " وكان الانسان كفورا " لنعم الله تعالى، ثم قال مهددا لهم:
" أفأمنتم " اي هل أمنتم إذا ضربتم في البر " أن يخسف بكم " جانبه ويقلب أسفله أعلاه فتهلكون عند ذلك، كما خسفنا بمن كان قبلكم من الكفار نحو قوم لوط وقوم فرعون " أو يرسل عليكم حاصبا " بمعنى حجارة تحصبون بها أو ترمون بها والحصباء الحصى الصغار، ويقال: حصب الحصى يحصبه حصبا إذ رماه رميا متتابعا، والحاصب ذو الحصب. والحاصب فاعل الحصب " ثم لا تجدوا لكم وكيلا " أي من يدفع ذلك عنكم.