مجرى قوله " اعملوا ما شئتم " (1) وكما يقال للانسان: اجهد جهدك، فسترى ما ينزل بك، وإنما جاء التهديد بصيغة الامر، لأنه بمنزلة من امر بإهانة نفسه، لان هذا الذي يعمله هوان له وهو مأمور به. ومعنى (استفزز) استزل، يقال:
استفزه واستزله بمعنى واحد، وتفزز الثوب إذ تمزق، وفززه تفززا، وأصله القطع، فمعنى استفزه استزله بقطعه عن الصواب " من استطعت منهم " فالاستطاعة قوة تنطاع بها الجوارح للفعل، ومنه الطوع والطاعة، وهو الانقياد للفعل.
وقيل في الصوت الذي يستفزهم به قولان:
أحدهما - قال مجاهد: صوت الغناء واللهو.
الثاني - قال ابن عباس: هو كل صوت يدعا به إلى معصية الله. وقيل: كل صوت دعي به إلى الفساد، فهو من صوت الشيطان.
وقال: " واجلب عليك بخيلك " فالاجتلاب السوق بجلبة من السائق. وفي المثل (إذا لم تغلب فاجلب) يقال: جلب يجلب جلبا واجلب إجلابا، واجتلب اجتلابا، واستجلب استجلابا، وجلب تجليبا مثل صوت، واصل الجلبة شدة الصوت، وبه يقع السوق.
وقوله: " بخيلك ورجلك " قال ابن عباس ومجاهد وقتادة: كل راكب أو ماش في معصية الله من الإنس والجن، فهو من خيل إبليس ورجله، والرجل جمع راجل مثل تجر وتاجر، وركب وراكب.
وقوله: " وشاركهم في الأموال والأولاد " فمشاركته إياهم في الأموال كسبها من وجوه محظورة أو إنفاقها في وجوه محظورة، كما فعلوا في السائبة والبحيرة والحام، والاهلال به لغير الله، وغير ذلك. ومشاركته في الأولاد، قال مجاهد والضحاك: فهم أولاد الزنا. وقال ابن عباس: الموؤودة. وقيل: من هودوا ونصروا، في قول الحسن وقتادة. وقال ابن عباس في رواية: هو تسميتهم عبد