كلمة واحدة نحو " تبوء بإثمي " (1) " وتبوء بحمله " وفي قراءة أبي " ليسؤن وجوهكم " بنون خفيفة للتأكيد، كقوله " لنسفعا بالناصية " (2) قال أبو علي الفارسي: لما قال " لتفسدن في الأرض مرتين " وبين المرة الأولى قال " فإذا جاء وعد الآخرة " أي المرة الآخرة بعثناهم " ليسوءوا وجوهكم " فحذف (بعثناهم) لأنه تقدم ذكره، لأنه جواب (إذا)، وشرطها يقتضيه، فحذف للدلالة عليه فأما معنى " ليسؤوا " فقال أبو زيد: يقال: سؤته سأة وساءة ومساءة ومسائية وسوأية، وقال " وجوهكم " على أن الوجوه مفعولا ل " يسؤوا " وعدي إلى الوجوه، لان الوجوه قد يراد بها ذوو الوجوه كقوله " وكل شئ هالك إلا وجهه " (3) وقال " وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة " (4) وقال " ووجوه يومئذ ناضرة " (5) وقال النابغة:
أقارع عوفا لا أحاول غيرها * وجوه قرود تبتغي من تجادع (6) فكأن الوجوه إنما خصت بذلك، لأنها تدل على ما كان من تغير الوجوه من الناس، من حزن أو مسرة، وبشارة وكآبة.
وحجة من قرأ بالياء والجمع انه أشبه بما قبله وما بعده، لان الذي جاء قبله " بعثا عليكم رجالا " وبعده " وليدخلوا المسجد " وهو بيت المقدس، والمبعوثون في الحقيقة هم الذين يسؤونهم لقتلهم إياهم وأسرهم لهم، فهو وفق المعنى.
ومن قرأ بالياء والتوحيد، ففاعل " ليسوءوا " أحد شيئين.
أحدهما - أن يكون اسم الله، لان الذي تقدم " بعثنا " " ورددنا لكم " و " أمددناكم ".
والآخر - أن يكون البعث والوعد، ودل عليه " بعثنا " المتقدم كقوله " لا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم " (7) اي البخل.