ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون (95) ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) (96) ثلاث آيات بلا خلاف.
قرأ ابن كثير، وعاصم " وليجزين الذين صبروا " بالنون. الباقون بالياء.
من قرأ بالنون فحجته إجماعهم على قوله " ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون " أنه بالنون. ومن قرأ بالياء، فلقوله " وما عند الله باق " وليجزين الله الذين صبروا.
نهى الله عباده المكلفين ان يتخذوا ايمانهم دخلا بينهم، وقد فسرنا معنى دخلا، وبين تعالى انه متى خالفوا ذلك زلت اقدامهم بعد ثبوتها، وهو مثل ضربه الله، والمعنى أنهم يضل بعد إن كان على الهدى. وقال قوم: الآية نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام والنصرة، نهوا عن نقض عهده، وترك نصرته.
وقوله " وتذوقوا السوء " يعني العذاب، جزاء على معاصيكم وما صددتم عن اتباع سبيل الله، ولكم مع ذلك عذاب عظيم تعذبون به. ثم نهاهم، فقال:
" ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا " أي لا تخالفوا عهد الله بسبب شئ يسير تنالونه من حطام الدنيا، فيكون قد بعتم ما عند الله بالشئ الحقير، وبين ان الذي عند الله هو خير، وأشرف لكم إن كنتم تعلمون حقيقة ذلك وتحققونه، ثم قال: إن الذي عند الله لا ينفد، هو باق، والذي عندكم من نعيم الدنيا وينفد ويفنى، ثم أخبر بأنه يجزي الصابرين على بلائه وجهاد أعدائه أجرهم وثوابهم " بأحسن ما كانوا يعملون " وإنما قال بأحسن ما كانوا، لان أحسن أعمالهم هو الطاعة لله تعالى، وما عداه من الحسن مباح ليس بطاعة، ولا يستحق عليه أجر