ومعنى " تشاقون " أي يعادون الله فيهم فيجعلونها شركاء له، والشقاق الخلاف في المعنى، ومعنى " تشاقون " تكونون في جانب، والمسلمون في جانب، لا يكونون معهم يدا واحدة، ومن ثم قيل لمن خرج عن طاعة الامام وعن جماعة المسلمين: شق العصا أي صار في جانب عنهم، فلم يكن مجتمعا في كلمتهم.
يقول الله ان الذين من قبل هؤلاء الكفار " قد مكروا " واحتالوا على رسلهم والمكر الفتل والحيلة إلى جهة منكرة، يقال مكر به يمكر مكرا، فهو ماكر ومكار، ثم قال: فان الله تعالى أتى أمره وعقابه " بنيانهم " التي بنوها فهدمها " فخر عليهم السقف من فوقهم " وقيل في معنى " من فوقهم " قولان:
أحدهما - أنه قال ذلك تأكيدا، كقولك قلت أنت.
الثاني - انهم كانوا تحته، وقد يقول القائل: تهدمت علي المنازل، وان لم يكن تحتها، وأيضا فليعلم انهم لم يكونوا فوق السقوف.
وقال ابن عباس وزيد بن أسلم: الذين خر عليهم السقف من فوقهم نمرود ابن كنعان. وقال غيرهم: بخت نصر، وقال الزجاج وأبو بكر بن الأنباري: المعنى فأتى الله مكرهم من أصله اي عاد ضرر المكر عليهم وبهم. وذكر الأساس مثلا كما ذكر السقف، مع أنه لا سقف ثم ولا أساس، وهذا الذي ذكره يليق بكلام العرب ويشبهه، والمعنى إن الله أتى بنيانهم من القواعد اي قلعه من أصله كقولهم:
أتي فلان من مأمنه اي أتاه الهلاك من جهة مأمنه وأتاهم العذاب من جهة الله " وهم لا يشعرن " أي لا يعلمون انه من جهة الله نزل بهم العذاب. ثم قال إنه تعالى مع ذلك يخزيهم يوم القيامة أي يذلهم بأنواع العذاب ويقول لهم أين شركائي الذين اتخذتموهم آلهة، فعبدتموهم يعني الذين كنتم تشاقون فيهم الله تعالى وتخرجون عن طاعة الله.
ثم أخبر ان الذين أعطوا العلم والمعرفة بالله تعالى وأوتوه يقولون لهم: ان الخزي يعني الذل والهوان " اليوم " والسوء الذي هو العذاب، " على الكافرين " الجاحدين لنعمه المنكرين لتوحيده وصدق أنبيائه.