العجائب، كمن لا يخلق ذلك من الصنام التي هي جمادات، فكيف توجه العبادة إليها، ويسوى بينها، وبين خالق جميع ذلك، " أفلا يتفكرون " في ذلك ويعتبرون به، فان ذلك من الخطأ الفاحش. وجعل (من) فيما لا يعقل، لما اتصلت بذكر الخالق.
ويتعلق بهذه الآية المجبرة، فقالوا: أعلمنا الله تعالى ان أحدا لا يخلق، لأنه خلاف الخالق، وانه لو كان خالق غيره لوجب أن يكون مثله، ونظيره.
وهذا باطل، لان الخلق في حقيقة اللغة هو التقدير والاتقان في الصنعة وفعل الشئ لا على وجه السهو والمجازفة بدلالة قوله " وتخلقون إفكا " (1) وقوله " وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير " (2) وقوله " أحسن الخالقين " (3) كما لا يجوز أنه أعظم الآلهة لما لم يستحق الآلهية غيره، وقال زهير:
ولانت تفري ما خلقت وبعض * القوم يخلق ثم لا يفري (4) وقال الججاج: لا أعد إلا وفيت ولا أخلق إلا فريت (5) وقال الشاعر:
ولا يئط بأيدي الخالقين ولا * أيدي الخوالق الاجبد الادم فعلمنا بذلك جواز تسمية غيره بأنه خالق إلا انا لا نطلق هذه الصفة إلا لله تعالى، لان ذلك توهم، فإذا ثبت ذلك فالوجه في الآية ما قدمنا ذكره من الرد على عباد الأصنام والجمادات التي لا تقدر على ضرر ولا نفع ولا خلق شئ ولا