وسهل لكم الطريق إلى ركوبه واستخراج ما فيه من أنواع المنافع فتصطادون منه أنواع السمك، فتأكلون لحمه طريا، ولا يجوز ان تهمز طريا، لأنه من الطراوة لا من الطراءة، و " تستخرجوا " من البحر حلية يعني اللؤلؤ والمرجان الذي يخرج من البحار " تلبسونها " وتتزينون بها " وترى الفلك " يعني السفن " مواخر فيه " قال الحسن معناه مقبلة ومدبرة بريح واحدة، وقال قوم: معناه منقلة، والمواخر جمع ماخرة، والمخرشق الماء من عن يمين وشمال، يقال: مخرت السفينة الماء تمخره مخرا، فهي ماخرة، والمخر أيضا صوت هبوب الريح إذا اشتد هبوبها.
وقوله " ولتبتغوا من فضله " اي ولتكتسبوا من فضل الله ونعمه بركوب البحر، ولكي تشكروه على أياديه، والواو دخلت ليعلم ان الله خلق ذلك. وأراد جميع ذلك وقصده. ثم أخبر انه القى في الأرض رواسي، وهو جمع راسية وهي الجبل العالي الثابت " ان تميد بكم " اي لئلا تميد بكم الأرض. وقال الزجاج:
معناه كراهة ان تمتد، ولم يجز حذف (لا) والميد الميل يمينا وشمالا، وهو الاضطراب: ماد يميد ميدا، وهو مائد.
وقوله " وأنهارا وسبلا " تقديره وجعل لكم انهارا، لدلالة (القى) عليه، لأنه لا يجوز أن يكون عطفا على (القى) ومثله قول الشاعر:
تسمع في أجوافهن صردا * وفي اليدين جسأة وبددا (1) اي وترى في اليدين يبسا وتفرقا، ومثله قولهم: (علفتها تبنا وماء باردا) والمعنى وسقيتها ماء، ومثله كثير، و (سبلا) عطف على (أنهارا) لكي تهتدوا بها في سلوككم، وانتقالكم في أغراضكم.
وقوله " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " اي جعل لكم علامات. وقيل إنها الجبال ونحوها. قال ابن عباس: يعني الجبال يهتدى بها نهارا، والنجم يهتدى به ليلا، وهو اختيار الطبري. و (العلامة) صورة يعلم بها المعنى، من خط أو لفظ أو إشارة أو هيئة، وقد تكون وضعية، وقد تكون برهانية.