فما ونى محمد مذ أن غفر * له الاله ما مضى وما غبر (1) وآل الرجل أهله الذين يرجعون إلى ولايته، ولهذا يقال أهل البلد، ولا يقال آل البلد، ولكن آل الرجل اتباعه الذين يرجع أمرهم إليه بولايته ونصرته وقيل: إن امرأة لوط كانت في جملة الباقين. ثم أهلكت فيما بعد " وقدرنا " بالتخفيف مثل (قدرنا) بالتشديد، وكلهم قرأ - هاهنا - مشددا إلا أبا بكر عن عاصم، فإنه خففها، ويكون ذلك من التقدير، كما قال " ومن قدر عليه رزقه " (2). وقال أبو عبيدة:
في الآية معنى فقر، وكان أبو يوسف يتأوله فيها، لان الله تعالى استثنى آل لوط من المجرمين، ثم استثنى استثناء رده على استثناء كان قبله، وكذلك كل استثناء في الكلام إذا جاء بعد آخر عاد المعنى إلى أول الكلام، كقول الرجل: لفلان علي عشرة إلا أربعة إلا درهم، فإنه يكون اقرار بسبعة، وكذلك لو قال: علي خمسة إلا درهما إلا ثلثا، كان إقرار بأربعة وثلث، وكذلك لو قال لامرأته أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة كانت طالقا اثنتين، قال: وأكثر ما يستثنى ما هو أقل من النصف، ولم يسمع أكثر من النصف الا بيت أنشده الكسائي:
أدوا التي نقصت سبعين من مئة * ثم ابعثوا حكما بالعدل حكاما فجعلها مئة إلا سبعين، وهو يريد ثلاثين، وضعف المبرد الاحتجاج بهذا البيت، ولم يجز استثناء الأكثر من الجملة ولا نصفها، وإنما جاز استثناء ما دون النصف من الجملة حتى قال: لا يجوز ان يقال: له عندي عشرة إلا نصف ولا عشرة إلا واحد، قال: لان تسعة ونصف أولى بذلك، وكذلك لا يجوز: له الف إلا مئة، لان تسعة مئة أولى بذلك، وإنما يجوز الف إلا خمسين وإلا سبعين والا تسعين، قال: وعلى هذا النحو بني هذا الباب. والصحيح الأول، عند أكثر العلماء من المتكلمين والفقهاء وأكثر النحويين.