وقوله " كما أنزلنا على المقتسمين " قال ابن عباس وسعيد بن جبير، والحسن:
هؤلاء هم أهل الكتاب اقتسموا القرآن، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، وقال قتادة: هم قوم من قريش عضوا كتاب الله. وقال ابن زيد: هم قوم صالح " تقاسموا لنبيتنه وأهله " وقال الحسن: أنزلنا عليك الكتاب، كما أنزلنا على المقتسمين من قبل، قوم اقتسموا طرق مكة ينفرون عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون:
إنه ساحر، وبعضهم يقول هو كاهن، وبعضهم يقول إنه مجنون، فأنزل الله بهم عذابا أهلكهم به، وتقديره أنذركم بما أنزل بالمقتسمين. ذكره الفراء وقوله " الذين جعلوا القرآن عضين " أي جعلوه متفرقا بالايمان ببعضه والكفر ببعض، فعضوه على هذا السبيل الذي ذمهم الله بها. وقيل جعلوه عضين، بأن قالوا سحر وكهانة - في قول قتادة - واصل عضين عضه منقوصة الواو، مثل عزة وعزين، قال الشاعر:
ذاك ديار يأزم المآزما * وعضوات تقطع اللهازما (1) وقال آخر:
للماء من عضاتهن زمزمه وقال رؤبة:
وليس دين الله بالمعضي (2) فالمعنى انهم عضوه أي فرقوه، كما تعضا الشاة والجزور، واصل عضه عضوه فنقصت الواو، ولذلك جمعت عضين بلا واو كما قالوا عزين جمع عزة والأصل عزوة ومثله ثبه وثبون، واصله ثبوة والعضيهة الكذب، فلما نسبوا القرآن إلى الكذب وانه ليس من قبل الله فقد عضهوا بذلك.
قوله تعالى:
(فوربك لنسئلنهم أجمعين (92) عما كانوا يعملون (93)