والثاني - انه أبلغ في التهديد كما تقول: ربما ندمت على هذا، وأنت تعلم أنه يندم ندما طويلا، أي يكفيك قليل الندم، فكيف كثيره.
فان قيل: لم قال " تلك آيات الكتاب وقران " والكتاب هو القرآن؟
ولم أضاف الآيات إلى الكتاب، وهي القرآن؟ وهل هذا إلا إضافة الشئ إلى نفسه؟!
قلنا: إنما وصفه بالكتاب والقرآن، لاختلاف اللفظين، وما فيهما من الفائدتين وإن كانا لموصوف واحد، لان وصفه بالكتاب يفيد انه مما يكتب ويدون، والقرآن يفيد أنه مما يؤلف ويجمع بعض حروفه إلى بعض قال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم (1) وقال مجاهد وقتادة: المراد بالكتاب: ما كان قبل القرآن من التوراة والإنجيل، فعلى هذا سقط السؤال: فأما إضافة الشئ إلى نفسه، فقد بينا الوجه فيما مضى فيه، وانه يجري مجرى قولهم مسجد الجامع وصلاة الظهر ويوم الجمعة. وقوله تعالى " لحق اليقين " (2) وهو مستعمل مشهور وبينا الوجه فيه، ووصف القرآن بأنه مبين لأنه يظهر المعنى للنفس، والبيان ظهور المعنى للنفس بما يميزه من غيره، لان معنى إبانته منه فصل منه، فإذا ظهر النقيضان في معنى الصفة فقد بانت وفهمت.
و (الود) التمني يقال: وددته إذا تمنيته، ووددته إذا أحببته أود فهيما جميعا ودا. وقال الحسن: إذا رأى المشركون المؤمنين دخلوا الجنة تمنوا أنهم كانوا مسلمين، وقال مجاهد: إذا رأى المشركون المسلمين يغفر لهم ويخرجون من النار يودون لو كانوا مسلمين.