اخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ان هؤلاء الكفار لشدة عنادهم وغلظة كفرهم وتمردهم وعتوهم " لو فتحنا عليهم بابا من السماء " فصاروا " فيه يعرجون " والعروج الصعود في الهواء تعلقا به نحو السماء، عرج الملك يعرج عروجا، فلو عرج هؤلاء عروج الملك، لقالوا هذا القول. والتسكير إدخال اللطيف في المسام، ومنه السكر بالشراب، والسكر السد بالتراب " لقالوا إنما سكرت أبصارنا " بما ادخل فيها من اللطيف في مسامها، حتى منعنا من رؤية الأشياء على حقيقتها. وأصل السكر السد بما ادخل في المسام. وقال مجاهد والضحاك وابن كثير: معنى " سكرت " سدت قال المثنى بن جندل الطهوري:
جاء الشتاء واجثأل القنبر * واستخفت الأفعى وكانت تظهر وطلعت شمس عليها مغفر * وجعلت عين الحرور تسكر (1) اي تسد بشدة البرد، وقنبر وقنبر - بضم الباء وفتحها - لغتان، مثل جندب وجندب قال رؤبة:
قبل انصداع الفجر والتهجر * وخوضهن الليل حتى تسكر (2) اي يسد بظلمته، وحكى الفراء: ان من العرب من يقول: سكرت الريح إذا سكنت.
وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: المعنى " لو فتحنا عليهم بابا من السماء " فظلت الملائكة تعرج إلى السماء، وهم يرونها على ما اقترحوه، " لقالوا: إنما سكرت أبصارنا " وقال الحسن: يظل هؤلاء المشركون يعرجون فيه.