أو عمارة أو بادية أو نحو ذلك من الأمور الجارية في العادة، والمرسل محذوف لدلالة (أرسلنا) عليه.
وقوله " وما يأتيهم من رسول الا كانوا به يستهزؤن " اخبار منه تعالى أنه لم يبعث رسولا فيما مضى الا وكانت أممهم تستهزئ بهم، واستهزاؤهم بهم حملهم عليهم واستبعادهم ما دعوا إليه واستيحاشهم منه، واستكبارهم له، حتى توهموا أنه مما لا يكون، ولا يصح مع مخالفته لما وجدوا عليه آباؤهم وأجدادهم واسلافهم، فكان عندهم كأنه دعا إلى خلاف المشاهدة والى ما فيه جحد الضرورة والمكابرة.
والهزؤ إظهار ما يقصد به العيب على ايهام المدح، وهو بمعنى اللعب والسخرية.
وقوله " كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين " قيل في معناه قولان:
أحدهما - كذلك نسلك القرآن الذي هو الذكر باخطاره على البال ليؤمنوا به، فهم لا يؤمون به، ماضين على سنة من تقدمهم، من تكذيب الرسل، كما سلكنا دعوة الرسل في قلوب من سلف من الأمم. ذهب إليه البلخي والجبائي.
وقال الحسن وقتادة: يسلك الاستهزاء بإخطاره على البال ليجتنبوه، ولو كان المراد أنه يسلك الشرك في قلوبهم، لكان يقول: انهم لا يؤمنون بالشرك ولو كانوا كذلك، كانوا محمودين غير مذمومين، يقال: سلكه فيه يسلكه سلكا وسلوكا، واسلكه أسلاكا، قال عدي بن زيد:
وكنت لزاز خصمك لم اعرد * وقد سلكوك في يوم عصيب (1) وقال الآخر: