وقوله " ثم استوى على العرش " معناه استولى بالاقتدار عليه ونفوذ السلطان واصله استواء التدبير، كما أن أصل القيام الانتصاب ثم قال: قائم بالتدبير، فالمعنى مستو على العرش بالتدبير المستقيم من جهته بجميع الأمور. و (ثم) دخلت على معنى " ثم استوى على العرش " بالتدبير للأجسام التي قد كونها، فهي تدل على حدوث التدبير.
وقال أبو علي: هي لتسخير الشمس والقمر لكنه قدم في صدر الكلام، كما قال " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " (1) والمعنى حتى يجاهد من نعلم من المجاهدين.
وقوله " وسخر الشمس والقمر " فالتسخير والتذليل والتوطئة نظائر، والمسخر هو المهيأ، لأنه يجري بنفسه من غير معاناة صاحبه فيما يحتاج إليه كتسخير النار للاسخان والماء للجريان، والفرس للركوب.
وقوله " كل يجري لأجل مسمى " اجراه على لفظ كل، ومثله كل منطلق اي اكلهم، ورفع كلا، لأنه مستأنف، وذهب بمعنى الاثنين في الشمس والقمر إلى الجمع، كما قال " فإن كان له اخوة " (2) وإنما هما أخوان. و (الأجل) هو الوقت ضروب لحدوث أمر وانقطاعه، فاجل الدنيا الوقت المضروب، لانقضائها واجل الآخرة، الوقت المضروب لحدوثها، واجل الدين وقت حدوث أدائه، واجل العمر الوقت المضروب لانقضائه، والأجل المسمى - ههنا - قيل يوم القيامة.
وقوله " يدبر الامر فالتدبير تصريف الأمور على ما يقتضيه مستقبل حاله في عاقبته، فتدبير السماوات والأرض فيه دلالة على مدبر حكيم، قد جعل جميع ذلك لما يصلح في عاقبته، وعاجلته. ودخلت. الألف واللام على (الشمس) وهي واحدة لا ثاني لها، لان في اسمها معنى الصفة، لأنه لو وجد مثلها لكان شمسا، وكذلك (القمر) لو خلق الله مثله لكان قمرا، وليس كذلك زيد وعمرو.