الثاني انهم سجدوا إلى جهة يوسف على وجه القربة إلى الله، كما يسجد إلى الكعبة على وجه القربة إلى الله.
وقيل إنه كانت تحية الملوك السجود، قال أعشى بني ثعلبة:
فلما اتانا بعيد الكرى * سجدنا له ورفعنا العمارا (1) وقوله " يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل " حكاية ما قال يوسف لأبيه بأن هذا تفسير رؤياي من قبل وما تؤول إليه، وهو ما ذكره في أول السورة " اني رأيت أحد عشر كوكبا " يعني أخوته " والشمس والقمر " يعني أبويه سجدوا له، كما رآه في المنام.
والرؤيا تصور ما يتوهم انه يرى لغمور النوم، ومتى قيل إذا كانت رؤيا الأنبياء لا تكون الا صادقة، فهلا تسلى يعقوب بأن تأويل الرؤيا سيكون؟
قلنا عنه جوابان:
أحدهما - انه قيل: انه رآها وهو صبي فلذلك لم يثق بها.
والآخر - ان طول الغيبة مع شدة المحنة يوجب الحزن كما يوجبه مع الثقة بالالتقاء في الآخرة.
" وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن " بأن لطف وسهل إلي الخروج منه " وجاء بكم من البدو " اي اتي بكم من أرض فلسطين، لان مسكن يعقوب وولده فيما ذكر كان هناك. والبدو: البرية العظيمة مأخوذ من بدا يبدوا بدوا. ويقال: بدو، وحضر.
وقوله " من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي " والنزغ التحريش بين الاثنين، وهو مس بسوء يغضب، ومنه قوله " واما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله " (2) وقوله " ان ربي لطيف لما يشاء " معنا لطيف التدبير، واللطف ما يدعو إلي