فصل.
اعلم رحمك الله تعالى أن المصنف رحمه الله تعالى يكرر في كتابه أشياء كثيرة عبارته فيها مختلفة الأنواع فيحتاج إلى تبيينها وأن يكشف عنها القناع.
فإنه تارة يطلق الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الوجه أو الأوجه أو الاحتمالين أو الاحتمالات بقوله فهل الحكم كذا على روايتين أو على وجهين أو فيه روايتان أو وجهان أو احتمل كذا واحتمل كذا ونحو ذلك فهذا وشبهه الخلاف فيه مطلق.
والذي يظهر أن إطلاق المصنف وغالب الأصحاب ليس هو لقوة الخلاف من الجانبين وإنما مرادهم حكاية الخلاف من حيث الجملة بخلاف من صرح باصطلاح ذلك كصاحب الفروع ومجمع البحرين وغيرهما.
وتارة يطلق الخلاف بقوله مثلا جاز أو لم يجز أو صح أو لم يصح في إحدى الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الوجوه أو بقوله ذلك على إحدى الروايتين أو الوجهين والخلاف في هذا أيضا مطلق لكن فيه إشارة ما إلى ترجيح الأول.
وقد قيل إن المصنف قال إذا قلت ذلك فهو الصحيح وهو ظاهر مصطلح الحارثي في شرحه وفيه نظر فإن في كتابه مسائل كثيرة يطلق فيها الخلاف بهذه العبارة وليست المذهب ولا عزاها أحد إلى اختياره كما يمر بك ذلك إن شاء الله تعالى ففي صحته عنه بعد وربما تكون الرواية أو الوجه المسكوت عنه مقيدا بقيد فاذكره وهو في كلامه كثير.
وتارة يذكر حكم المسألة مفصلا فيها ثم يطلق روايتين فيها ويقول في الجملة بصيغة التمريض كما ذكره في آخر الغصب أو يحكى بعد ذكر الحكم إطلاق الروايتين عن الأصحاب كما ذكره في باب الموصى له ويكون في ذلك أيضا تفصيل فنبينه إن شاء الله تعالى.