كما فعل أصحاب موسى (عليه السلام) باتخاذهم العجل، وعبادتهم إياه، وزعمهم أنه ربهم، وإجماعهم عليه غير هارون وولده ونفر قليل من أهل بيته.
ونبينا (صلى الله عليه وآله) قد قصد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم وفي غير موطن، واحتج عليهم به وأمرهم بطاعته، وأخبرهم أنه منه بمنزلة هارون من موسى، وأنه ولي كل مؤمن بعده، وأنه كل من كان وليه فعلي وليه، ومن كان أولى به من نفسه فعلي أولى به، وأنه خليفته فيهم ووصيه، وأن من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصى الله، ومن والاه والى الله، ومن عاداه عادى الله، فأنكروه وجهلوه وتولوا غيره.
يا معاوية! أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين بعث إلى موتة أمر عليهم جعفر ابن أبي طالب، ثم قال: إن هلك جعفر فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم، أفكان يترك أمته، لا يبين لهم خليفته فيهم؟! بلى، والله! ما تركهم في عمياء ولا شبهة، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيهم وكذبوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهلكوا وهلك من شايعهم، وضلوا وضل من تابعهم، فبعدا للقوم الظالمين.
فقال معاوية: يا ابن عباس! إنك لتتفوه بعظيم، والاجتماع عندنا خير من الاختلاف، وقد علمت أن الأمة لم تستقم على صاحبك.
فقال ابن عباس: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها! وأن هذه الأمة اجتمعت على أمور كثيرة ليس بينها اختلاف ولا منازعة ولا فرقة: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، والصلوات الخمس، وصوم شهر رمضان، وحج البيت، وأشياء كثيرة من طاعة الله، ونهي الله مثل تحريم الزنا والسرقة، وقطع الأرحام، والكذب والخيانة، واختلفت في