ثم قال: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم، فقامت أم سلمة فرفعت جانب العباء لتدخل فكفها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: لست هناك وأنت في خير وإلى خير، فانقطع عنها طمع البشر، وكان جبرئيل معهم، فقال: يا رسول الله! وأنا سادسكم؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم، [و] أنت سادسنا، فارتقى السماوات وقد كساه الله من زيادة الأنوار ما كادت الملائكة لا تثبته حتى قال: بخ بخ من مثلي؟ أنا جبرئيل سادس محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فذلك ما فضل الله به جبرئيل على سائر الملائكة في الأرضين والسماوات.
قال: ثم تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسن بيمينه والحسين بشماله فوضع هذا على كاهله الأيمن، وهذا على كاهله الأيسر، ثم وضعهما في الأرض، فمشى بعضهما إلى بعض يتجاذبان، ثم اصطرعا، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول للحسن: إيها أبا محمد!
فيقوي الحسن فيكاد يغلب الحسين، ثم يقوى الحسين فيقاومه، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا رسول الله! أتشجع الكبير على الصغير؟
فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة! أما إن جبرئيل وميكائيل كلما قلت للحسن:
إيها أبا محمد! قالا للحسين: إيها أبا عبد الله! فلذلك قاما وتساويا، أما إن الحسن والحسين لما كان يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): إيها، أبا محمد! ويقول جبرئيل: إيها، أبا عبد الله! لو رام كل واحد منهما حمل الأرض بما عليها من جبالها وبحارها وتلالها وسائر ما على ظهرها لكان أخف عليهما من شعرة على أبدانهما، وإنما تقاوما لأن كل واحد منهما نظير الآخر، هذان قرتا عيني، وثمرتا فؤادي، هذان سندا ظهري، هذان سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وأبوهما خير منهما، وجدهما رسول الله خيرهم أجمعين.
قال (عليه السلام): فلما قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله): قالت اليهود والنواصب: إلى الآن كنا