فقال ابن صوريا: صدقت يا محمد! بقيت خصلة إن قلتها آمنت بك وأتبعتك، أي ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟
قال جبرئيل: قال ابن صوريا: كان ذلك عدونا من بين الملائكة، ينزل بالقتل والشدة والحرب، ورسولنا ميكائيل يأتي بالسرور والرخاء، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك، لأن ميكائيل كان يشد ملكنا، وجبرئيل كان يهلك ملكنا، فهو عدونا لذلك.
فقال له سلمان الفارسي: فما بدؤ عداوته لك؟
قال: نعم، يا سلمان! عادانا مرارا كثيرة، وكان من أشد ذلك علينا أن الله أنزل على أنبيائه أن بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له: بخت نصر وفي زمانه، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه، والله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت، فلما بلغنا ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس، بعث أوائلنا رجلا من أقوياء بني إسرائيل وأفاضلهم نبيا كان يعد من أنبيائهم، يقال له: دانيال في طلب بخت نصر ليقتله، فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا: إن كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم فإنه لا يسلطك عليه، وإن لم يكن هذا فعلى أي شيء تقتله؟
فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا وأخبرنا بذلك، وقوي بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس، فلهذا نتخذه عدوا، وميكائيل عدو لجبرئيل.
فقال سلمان: يا ابن صوريا! بهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم، أرأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصر، وقد أخبر الله تعالى في كتبه وعلى ألسنة رسله أنه يملك ويخرب بيت المقدس؟! أرادوا تكذيب أنبياء الله تعالى في