فلما سأل عن عمه اختنقت زينب بعبرتها، وجعلت تنظر إلى أخيها كيف يجيبه، لأنه لم يخبره بشهادة عمه العباس، خوفا من أن يشتد مرضه.
فقال (عليه السلام): يا بني! إن عمك قد قتل، قطعوا يديه على شاطئ الفرات!
فبكى علي بن الحسين (عليه السلام) بكاء شديدا حتى غشي عليه، فلما أفاق من غشوته جعل يسأل عن كل واحد من عمومته، والحسين (عليه السلام) يقول له: قتل.
فقال: وأين أخي علي، وحبيب بن مظاهر، ومسلم بن عوسجة، وزهير بن القين؟
فقال له: يا بني! اعلم أنه ليس في الخيام رجل حي إلا أنا وأنت، وأما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعى على وجه الثرى! فبكى علي بن الحسين بكاء شديدا، ثم قال لعمته زينب: يا عمتاه! علي بالسيف والعصا.
فقال له أبوه: وما تصنع بهما؟
فقال: أما العصا فأتوكأ عليها، وأما السيف فأذب به بين يدي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإنه لا خير في الحياة بعده. فمنعه الحسين من ذلك، وضمه إلى صدره وقال له: يا ولدي! أنت أطيب ذريتي، وأفضل عترتي، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال، فإنهم غرباء مخذولون، قد شملتهم الذلة واليتم وشماتة الأعداء ونوائب الزمان، سكتهم إذا صرخوا، وآنسهم إذا استوحشوا، وسل خواطرهم بلين الكلام، فإنهم ما بقي من رجالهم من يستأنسون به غيرك، ولا أحد عندهم يشكون إليه حزنهم سواك، دعهم يشموك وتشمهم، ويبكوا عليك وتبكي عليهم.
ثم لزمه بيده (عليه السلام) وصاح بأعلى صوته: يا زينب! ويا أم كلثوم! ويا سكينة!
ويا رقية! ويا فاطمة! إسمعن كلامي واعلمن أن ابني هذا خليفتي عليكم، وهو