يقل عزمهم، ويذل صبرهم.
فقال (عليه السلام): جزيت عن أخيك خيرا حيث نصرتني حيا وميتا....
وفي بعض الكتب: أخذ الحسين (عليه السلام) رأسه ووضعه في حجره، وجعل يمسح الدم عن عينيه، فرآه وهو يبكي، فقال الحسين (عليه السلام): ما يبكيك، يا أبا الفضل؟!
قال: أخي، يا نور عيني! وكيف لا أبكي ومثلك الآن جئتني وأخذت رأسي عن التراب، فبعد ساعة من يرفع رأسك عن التراب؟ ومن يمسح التراب عن وجهك؟
وكان الحسين (عليه السلام) جالسا إذ شهق العباس شهقة وفارقت روحه الطيبة.
وصاح الحسين (عليه السلام): وا أخاه! وا عباساه! (1) ولما قتل العباس، قال الحسين (عليه السلام): ألان انكسر ظهري، وقلت حيلتي. (2) [569] - 352 - المفيد:
وحملت الجماعة على الحسين (عليه السلام)، فغلبوه على عسكره، واشتد به العطش فركب المسناة يريد الفرات، وبين يديه العباس أخوه فاعترضه خيل ابن سعد - لعنه الله - وفيهم رجل من بني دارم، فقال لهم: ويلكم، حولوا بينه وبين الفرات، ولا تمكنوه من الماء. فقال الحسين (عليه السلام): أللهم اظمأه! فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه، فانتزع الحسين (عليه السلام) السهم، وبسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمى به، ثم قال: اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك.
ثم رجع إلى مكانه وقد اشتد به العطش، وأحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه، فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة الله عليه، وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنبسي، بعد أن أثخن بالجراح، فلم يستطع حراكا. (3)