رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! فأردنا أن نسأله وإذا به قد ابتدأنا يقول: يعزيني الله على ما تلقيان من بعدي يا ولدي من الإهانة والأذى وزاد بكائه، وإذا به قد دعاهما وحطهما في حجره وأجلس الحسن (عليه السلام) على فخذه الأيمن والحسين (عليه السلام) على فخذه الأيسر، فقال: بأبي أبوكما وبأمي أمكما، وقبل الحسن (عليه السلام) في فمه الشريف وأطال الشم بعدها، وقبل الحسين (عليه السلام) في نحره بعد أن شمه طويلا، فتساقطت دموعه وبكى وبكينا لبكائه ولا علم لنا بذلك، فما كان إلا ساعة وإذا بالحسين (عليه السلام) قد قام ومضى إلى أمه باكيا مغموما، فلما دخل عليها ورأته باكيا قامت إليه تمسح دمعه بكمها وأسكته وهي تبكي لبكائه، وتقول: قرة عيني وثمرة فؤادي! ما الذي يبكيك، لا أبكى الله لك عينا، ما بالك يا حشاشة قلبي؟!
قال: خيرا يا أماه!
قالت: بحقي عليك وبحق جدك وأبيك إلا ما أخبرتني.
فقال لها: يا أماه! كأن جدي ملني من كثرة ترددي إليه.
قالت: فداك نفسي، لماذا؟.
قال: يا أماه! جئت أنا وأخي إلى جدنا لنزوره، فأتيناه وهو في المسجد، وأبي وأصحابه من حوله مجتمعون، فدعى الحسن وأجلسه على فخذه الأيمن، وأجلسني على فخذه الأيسر، ثم لم يرض بذلك حتى قبل الحسن في فمه بعد أن شمه طويلا، وأما أنا فأعرض عن فمي وقبلني في نحري، فلو أحبني ولم يبغضني لقبلني مثل أخي، هل في فمي شيء يكرهه؟! يا أماه!
شميه أنت!!.
قالت الزهراء (عليها السلام): هيهات يا ولدي! والله العظيم! ما في قلبه مقدار حبة خردل من بغضك.