الحسين (عليه السلام) وعنده من الجلة وقال: إن أمير المؤمنين أمرني بذلك [أي أخطب أم كلثوم ليزيد]، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، مع صلح ما بين هذين الحيين، مع قضاء دينه، واعلم أن من يغبطكم بيزيد أكثر ممن يغبطه بكم، والعجب كيف يستمهر يزيد، وهو كفو من لا كفو له، وبوجهه يستسقى الغمام، فرد خيرا يا أبا عبد الله!
فقال الحسين (عليه السلام): الحمد لله الذي اختارنا لنفسه، وارتضانا لدينه، واصطفانا على خلقه (1)، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم الله! لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله من حقه، في عاجل دنياه وآخرته، ولا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة، ولتعلمن نبأه بعد حين.
ثم قال: يا مروان! قد قلت فسمعنا:
أما قولك: مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ، فلعمري! لو أردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله في بناته ونسائه وأهل بيته، وهو ثنتا عشرة أوقية، يكون أربعمأة وثمانين درهما.
وأما قولك: مع قضاء دين أبيها، فمتى كن نسائنا يقضين عنا ديوننا؟ وأما صلح ما بين هذين الحيين، فإنا قوم عادينا كم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري! فلقد أعيى النسب فكيف السبب!؟
وأما قولك: العجب ليزيد كيف يستمهر، فقد استمهر من هو خير من يزيد، ومن أب يزيد، ومن جد يزيد.
وأما قولك: إن يزيد كفو من لا كفو له، فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه